يعالج القرآن الكريم في هذه الآية قضيّة الاتّباع والتّقليد الأعمى، وهذه القضيّة من الأمراض الخطيرة.
بشكل عامّ التّقليد أمر طبيعيّ؛ لأنّ الإنسان أوّل ما يولد يرى أباه أو أمّه أو أخاه يحرّك يده فيحرّك يده، يراه يقوم فيقوم، يراه يجلس فيجلس، يراه يصلّي فيصلّي، يراه يفعل فيفعل، إذاً كيف يعرف الطّفل أن يأكل بيده؟ يرى من هو معه فعل ذلك فيفعل مثله. لذلك الأجيال تتكرّر وتختلط بين الآباء وبين الأبناء من خلال الاتّباع والعادات الّتي تلقّاها الأبناء عن الآباء، لكنّ الإسلام وضع ضوابط تحكِّم العقل والشّرع، لاتّباع الأبناء للآباء والأمّهات وللمجتمعات، فإذا رأيت من يخالف الله سبحانه وتعالى، كأبيك أو أمّك أو أخيك فلا تقلّدهم بالمخالفة، إذاً الاتّباع بشكل أعمى مرفوض، والاتّباع بشكل مضبوط مطلوب، حتّى تحافظ الأجيال على بعضها بعضاً، وحتّى تحافظ على قِيَمها وتراثها، فإذاً هناك خيط دقيق يفصل بين الاتّباع وعدمه، بين جيل وجيل، فالجيل يجب أن يحافظ على ما كان عليه الجيل السّابق، لكن بضوابط شرعيّة وعقليّة وعلميّة.
﴿مَا أَلْفَيْنَا﴾: ما وجدنا.
فإذا أردت أن تتّبع أباك أو أمّك أو الجيل الّذي سبقك تتّبع بضوابط العقل والعلم والهداية الّتي هي الشّرع ولا تقلّد التّقليد الأعمى.