﴿وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ﴾: أي: إذا نظرت إليهم تروق لك هيئاتهم ومناظرهم، لما فيها من النّضارة والرّونق وجمال الصّورة وعِظَم الخلقة، وقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ﴾؛ أي: عبد الله بن أبيّ بن سلول، وابن أبي وجد بن قيس ومعتب بن قشير، تعجبك أجسامهم لحسنها وجمالها.
﴿وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ﴾: وإن تكلّموا تسمع لكلامهم، وتظنّ أنّ قولهم حقّ وصدق لفصاحتهم وحلاوة منطقهم وذلاقة ألسنتهم.
﴿كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ﴾: كأنّهم أخشاب جوفاء منخورة، مستندة إلى الجدران، فهم مجرّد كتل بشريّة لا تفهم ولا تعلم، وقد كان عبد الله بن أبيّ بن سلول رأس المنافقين فصيحاً جسيماً جميلاً، ولكنّه -هو وصحبه- لا إدراك لديهم لخلّوهم عن الفهم النّافع والعلم الصّالح، فهم مجرّد صور.
﴿يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ﴾: هم جبناء، كلّما سمعوا صوتاً أو صيحة حسبوا أنّها واقعة عليهم، ونازلة بهم لفرط جبنهم، وفراغهم النّفسيّ، وإحساسهم بالهزيمة من الدّاخل، كما وصفهم الله سبحانه وتعالى بقوله: ﴿أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا﴾ [الأحزاب]، وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه: عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «إِنَّ لِلْمُنَافِقِينَ عَلَامَاتٍ يُعْرَفُونَ بِهَا: تَحِيَّتُهُمْ لَعْنَةٌ، وَطَعَامُهُمْ نُـهْبَةٌ، وَغَنِيمَتُهُمْ غُلُولٌ، وَلَا يَقْرَبُونَ الْمَسَاجِدَ إِلَّا هَجْراً، وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا دَبْراً، مُسْتَكْبِرِينَ، لَا يَأْلَفُونَ وَلَا يُؤْلَفُونَ، خُشُبٌ بِاللَّيْلِ، صُخُبٌ بِالنَّهَارِ»([1]).
﴿هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ﴾: فهم الأعداء الألدّاء، فاحذر من مؤامراتهم، ولا تطلعهم على شيء من أسرارك؛ لأنّ المنافقين عيون لأعدائك من الكفّار.
﴿قَاتَلَهُمُ اللَّهُ﴾: لعنهم الله عز وجلَّ وطردهم من رحمته وأهلكهم.
﴿أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾: كيف يُصرَفون عن الحقّ، ويميلون عنه إلى الكفر، ويتركون الهدى إلى الضّلال؟
([1]) مسند الإمام أحمد بن حنبل: مسند الـمُكثرين من الصّحابة، مسند أبي هريرة t، الحديث رقم (7926).