﴿وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا﴾: والمراد بالكيد هنا مسألة الإحراق، ومعنى الكيد: تدبير خفيّ للعدوّ حتّى لا يشعر بما يُدبَّر له، فيحتاط للأمر، والكيد يكون لمصلحة الشّيء، ويكون ضدّه، ففي قوله سبحانه وتعالى: ﴿كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾ [يوسف: من الآية 76]؛ أي: لمصلحته، فلم يقُلْ: (كِدْنا يوسف)، إنّما: ﴿كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾، وقالوا في الكيد: إنّه دليل ضعف وعدم قدرة على المواجهة، فالّذي يُدبِّر لغيره، ويتآمر عليه خُفْية ما فعل ذلك إلّا لعدم قدرته على مواجهته.
﴿فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ﴾: والأخسرون جمع أخسر، على وزن أفعل؛ يدلّ على المبالغة في الخُسْران، وقد كانت خسارتهم في مسألة حَرْق إبراهيم من عِدَّة وجوه: أوّلاً أنّ إبراهيم عليه السّلام لم يُصِبْه سوء مع إلقائه في النّار، ثمّ إنّهم لم يَسْلَموا من عداوته، فكلّ من كان موجوداً شاهد أنّ الحقّ مع إبراهيم عليه السّلام، وبعد ذلك سيجازون على فِعْلهم هذا في الآخرة.