الآية رقم (16) - مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ

﴿مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ﴾: أي من خلف الجبّار المتعنّد بالكفر جهنّم؛ أي من خلفه وما فيها من عذابٍ، كلمة وراء في اللّغة لها استخدامات متعدّدة، فمرّة تأتي بمعنى بعد، والمثل في قوله سبحانه وتعالى عن امرأة إبراهيم عليه السلام: ﴿ وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ﴾]هود[؛ أي جاء يعقوب من بعد ابنه إسحاق، ومرّةً تأتي بمعنى غير، كقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ﴾]المؤمنون[؛ أي من ابتغى غير ذلك، وهنا يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ﴾، نعلم أنّ جهنّم ستأتي مستقبلاً؛ أي أنّها أمامه، ولكنّها تنتظره وتلاحقه.

﴿وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ﴾: الصّديد: هو الماء الرّقيق الّذي يخرج من الجرح، وهو القيح الّذي يسيل من أجساد أهل النّار، حيث تُشوى جلودهم، ولنا أن نتصوّر حجم الألم حين يحتاج أحدهم أن يشرب فيُقَدّم له الصّديد النّاتج من حرق جلود هؤلاء في النّار، والصّديد أمرٌ يتأفّف من رؤيته أيّ إنسانٍ، فكيف وهو يشرب منه؟!

«مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ» مبتدأ مؤخر ومتعلقان بخبر مقدم والجملة صفة ثانية لجبار

«وَيُسْقى» مضارع مبني للمجهول ونائب الفاعل محذوف والجملة معطوفة

«مِنْ ماءٍ» متعلقان بيسقى

«صَدِيدٍ» بدل من ماء

مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ:  أي قيح ودم