الآية رقم (17) - مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ

وهذا مثل من أمثال القرآن الكريم، والله عزَّوجل يقول: ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾  [الحشر: من الآية 21]، ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ۖ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ﴾ [العنكبوت]، وقال تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا﴾ [البقرة: من الآية 26]، وقال: ﴿مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ﴾ [النّور: من الآية 35].

ويضرب الله المثل ليقرّب إلى أذهاننا أموراً غير محسوسة، فيشبّهها بأمور محسوسة كي نفهمها، وفي هذه الآيات جاء الحديث عن النّفاق وهو شيء غير محسوس فضرب الله له مثلاً محسوساً. وقد ضرب الله الأمثال المحسوسة لنور الله سبحانه وتعالى، أو للإيمان بالله، أو وحدانيّة الله، ولم يضرب مثلاً لذاته العليّة سبحانه وتعالى؛ لأنّه: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشّورى: من الآية 11]، ﴿فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ﴾ [النّحل: من الآية 74]؛ لأنّك لا تستطيع أن تقيس صفات الله سبحانه وتعالى وأفعاله على قياس العقل البشريّ.

والأمثال هي قياس، والإسلام هو أوّل من علّم النّاس القياس، وهي قضيّة علميّة.

مَثَلُهُمْ: مبتدأ، والهاء في محل جر بالإضافة.

كَمَثَلِ: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر.

الَّذِي: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

اسْتَوْقَدَ: فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود إلى الذي.

ناراً: مفعول به. وجملة استوقد صلة الموصول لا محل لها. وجملة مثلهم استئنافية لا محل لها من الإعراب.

فَلَمَّا: الفاء استئنافية لما ظرف بمعنى حين.

أَضاءَتْ: فعل ماض والتاء للتأنيث والفاعل محذوف تقديره هي يعود إلى النار.

ما حَوْلَهُ: ما اسم موصول في محل نصب مفعول به حوله ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة ما.

وقال بعضهم إن أضاء فعل لازم وما زائدة أي أضاءت حوله، والجملة ابتدائية لا محل لها على هذا القول أو مضاف إليه على القول بظرفية ما.

ذَهَبَ: فعل ماض.

اللَّهُ: لفظ الجلالة فاعل مرفوع.

بِنُورِهِمْ: متعلقان بالفعل والجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها.

وَتَرَكَهُمْ: فعل ماض. والهاء مفعول به أول والميم لجمع الذكور والفاعل ضمير مستتر تقديره هو والجملة معطوفة بالواو.

فِي ظُلُماتٍ: جار ومجرور متعلقان بمفعول به ثان محذوف.

لا يُبْصِرُونَ: لا نافية. يبصرون فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل. والجملة في محل نصب حال من الضمير الواقع مفعولًا به.

المثل: الصفة التي أضحت كالمثل، أو مثالهم في نفاقهم وحالهم العجيبة.

اسْتَوْقَدَ: أوقد ناراً للاستدفاء والإضاءة، أو طلب إيقاد النار أَضاءَتْ أظهرت ما حولها.

مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً:تشبيه تمثيلي، شبه المنافق بمستوقد النار، وإظهاره الإيمان بالإضاءة، وانقطاع انتفاعه بانطفاء

النار. وكذلك أَوْ كَصَيِّبٍ.. تشبيه تمثيلي، شبَّه الإسلام بالمطر لأنَّ القلوب تحيا به، وشبه شبهات الكفار بالظلمات.