فهذا الذّكر لا ينتفع به إلّا الباحث عن الاستقامة، فالدّين هو الاستقامة، عن أبي عليّ السّريّ قال: رأيت النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقلت: يا رسول الله، روي عنك أنّك قلت: شيّبتني هودٌ، قال: «نعم»، فقلت : ما الّذي شيّبك, قصص الأنبياء وهلاك الأمم؟، قال: «لا، ولكن قوله: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ﴾ﱢ»([1]) [هود: من الآية 112]، فالاستقامة هي تحمّل تبعات ما جاء بهذا الذّكر؛ لذلك وحّد القرآنُ الأمرَ، وجعل الاستقامة هي الطّريق والغاية، واستعداد النّاس لذلك وقبوله له مشيئةٌ خاصّةٌ، فقال سبحانه وتعالى: ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ﴾، ليس جبراً وإنّما اختيارٌ، فهو منهجٌ يُعرَض على القلوب والعقول، فإن صادف صفاءً واستعداداً دخل القلب واقتنع به العقل، وإلّا فلا.