﴿لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾: أي: لو يعلمون ما يحدث لهم في هذا الوقت حين لا يستطيعون دَفْع النّار عن وجوههم، وذَكر الوجه بالذّات؛ لأنّه أشرف أعضاء الإنسان وأكرمها.
﴿حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ﴾: دلاَلة على إهانتهم.
﴿وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ﴾: لأنّها تأتيهم من كلّ مكان.
﴿وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾: أي: لا يجدون مَنْ ينقذهم، أو يأخذ بأيديهم ويدفع عنهم، حتّى الشّيطان الّذي أغواهم في الدّنيا سيتبرّأ منهم يوم القيامة، ويقول: ﴿مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ﴾[إبراهيم: من الآية 22]، وأصرخه؛ أي: أزال سبب صراخه، والهمزة في أصرخه تسمّى همزة إزالة، فحتّى الشّيطان سيتخلّى عنهم في ذلك الوقت، وفي موضع آخر يقول: ﴿كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾[الحشر]، فحظُّ الشّيطان أنْ يُوقِع الإنسان في المعصية، ثمّ يتبرّأ منه.
فما جواب ﴿لَوْ﴾ هنا؟ المعنى: لو يعلم الّذين كفروا الوقت الّذي لا يكفُّون فيه النّار عن وجوههم، ولا عن ظهورهم ولا يُنصرون لكفّوا عمّا يُؤدِّي بهم إلى ذلك، وانتهَوْا عن أسبابه.