الحقّ تبارك وتعالى يمتنُّ بما يملكه سبحانه وتعالى في السّموات وفي الأرض وما تحت الثّرى، والله سبحانه وتعالى لا يمتنُّ إلّا بملكيّة الشّيء النّفيس الّذي يُنتفع به، وكأنّه سبحانه وتعالى يلفت أنظار خَلْقه إلى ما في الكون من مُقوِّمات حياتهم المادّيّة ليبحثوا عنها، ويستنبطوا ما ادَّخره لهم من أسرار وثروات في السّموات والأرض، والنّاظر في حضارات الأمم يجد أنّها جاءت إمّا من حَفْريّات الأرض، أو من أسرار الفضاء الأعلى في عصر الفضاء.
ولو فهمنا هذه الآية منذ نزلت لَعلمنا أنّ في الأرض وتحت الثّرى كنوز وثروات ما عُرِفَت إلّا في العصر الحديث فبعد الاكتشافات والحفريّات وجدوا البترول والمعادن والأحجار الثّمينة مطمورةً تنتظر مَنْ يُنقِّب عنها وينتفع بها.
والله سبحانه وتعالى وزّع هذه الثّروات في أرضه بالتّساوي، بحيث لو أخذنا قطاعاتٍ متساوية من أراض مختلفة لوجدنا أنّ الثّروات بها متساوية: هذه بها ماء، وهذه مزروعات، وهذه معادن، وهذه بترول وهكذا، لذلك يقول تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾[الحجر]، فالخير موجود ينتظر القَدَر ليظهر لنا وننتفع به.