الآية رقم (21) - لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ

معاقبة المخالف أمر ضروريّ؛ لأنّ أيَّ مخالفة لا تُقابل بالجزاء المناسب لا بُدَّ أن تثمر مخالفات أخرى متعدّدة أعظم منها، ومن أَمِنَ العقوبة أساء الأدب، فحين نرى موظّفاً مُقَصِّراً في عمله لا يحاسبه أحد، يستمرّ ويصبح النّاس مثله وتنتشر اللّا مبالاة والفوضى، وتحدث الطَّامّة الكبرى حينما يُثاب المقصِّر ويُرَقَّى مَنْ لا يستحقّ، لذلك يقول الإمام عليّ كرّم الله وجهه: “ولا يكوننّ المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء، فيطمع المسيء في إساءته، ويزهد المحسن في إحسانه”، لذلك توعَّد سليمان عليه السّلام الهدهد:

﴿لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ﴾: يعذّبه عذاباً شديداً، ثمّ رقّى الأمر، أو يمكن أن يذبحه، وطبعاً هذه المسألة أثار حولها المتمرّدون على منهج الله تعالى، والّذين يريدون أن يعدّلوا على الله عزَّ وجلَّ، ويتدخّلوا في أحكامه، إشكالاً أنّها حرام، ولماذا يريد أن يذبحه؟ لكنّ الله عزَّ وجلَّ عندما يُعطي الحكم فهذا الحكم يقاس الصّحّ من الخطأ على أساسه، فإذا حكم الله عزَّ وجلَّ فهنا يكون المجال الصّحيح والسّليم.

﴿أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾: أي: يعطيني حجّة واضحة تبرّر غيابه، فنفهم من الآية أنّ المرؤوس يجوز له أنْ يتصرّف برأيه، ودون أن يأخذ الإذن من مديره أو من رئيسه، إذا كان هناك مصلحة للمجموع لا تستدعي التّأخير، وهناك خطر، وهنا يقدّر المدير أو المسؤول لمرؤوسه هذا الاجتهاد ويلتمس له عذراً، فلعلّه عنده حجّة، وهذه الحجّة هي الّتي أدّت لذلك، فقدّم الخير وخدم المصلحة العامّة هنا.

«لَأُعَذِّبَنَّهُ» اللام واقعة في جواب قسم مقدر والمضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة وفاعله مستتر والهاء مفعول به والجملة لا محل لها

«عَذاباً» مفعول مطلق

«شَدِيداً» صفة

«أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ» كإعراب لأعذبنه الجملة معطوفة

«أَوْ لَيَأْتِيَنِّي» الجملة معطوفة

«بِسُلْطانٍ» متعلقان بيأتيني

«مُبِينٍ» صفة.