الآية رقم (256) - لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ

لا يعصون الله ما أمرهم، كما خَلَق الملائكة، إذاً فالله سبحانه وتعالى أراد الاختيار ولم يرد القسر والإجبار على الدّين، فالاختيار أساس العقيدة الإسلاميّة:  (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ) [الغاشية]، إذاً هذا معلوم لنا جمعياً، ولماذا نركّز على هذا الجانب العقائديّ؟ لأنّه هو الأساس الآن في استخدام الحركات التّكفيريّة والإرهابيّة والمتطرّفة السّلاحَ والعنفَ والإرهابَ لإجبار النّاس على متطلّبات الدّين وعلى الإيمان، وهذا لم يكن في يوم من الأيّام، وأكبر دليل على ذلك أنّ الفتوحات الإسلاميّة والّتي تمّت عبر زمن السّلف والّتي قادها صحابة رسول الله صلَّى الله عليه وسلّم تركت النّاس على أديانهم في صوامعهم وفي كنائسهم وفي معابدهم، ولم تجبر أحداً على الدّخول في دين الإسلام، هم يقولون: إنّنا حملنا النّاس على الإسلام بالسّيف، فالّذين يطلقون هذا القول ينسون أنّ نصف فترة الدّعوة الإسلاميّة كانت في فترة ضعف، فالمسلمون لم يكونوا قادرين أن يحموا أنفسهم حتّى يحملوا السّيف على غيرهم، كانوا مضطهدين ومعذّبين ومشرّدين، وكان أحدهم يُسحَل في الرّمل كسيّدنا بلال رضي الله عنه، هكذا كان صحابة رسول الله فكيف يكون الإجبار على الدّين؟! من ستجبر وأنت في أضعف الحالات؟ إذاً ألم تمرّ هذه الفترة على الدّعوة الإسلاميّة؟ هل يستطيع أحد أن يُنكر بأنّ الفترة المكيّة من الدّعوة الإسلاميّة كانت فترة ضعف؟ فإذاً كيف انتشر الإسلام بالسّيف؟ فهذا كذب محض، وهذا افتراء على دين الإسلام وعلى التّاريخ الإسلاميّ والعربيّ أيضاً، وهو كذب أراده فقط أعداء الإسلام من الصّهاينة ومن الغرب الّذين أرادوا أن يصوّروا الإسلام بأنّه الإرهاب، وأنّ الإسلام هو الإجبار على الدّين

لا إِكْراهَ: لا نافية للجنس إكراه اسمها مبني على الفتح

فِي الدِّينِ: متعلقان بمحذوف خبرها

قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ: قد حرف تحقيق وفعل مضارع وفاعل

مِنَ الْغَيِّ: متعلقان بمحذوف حال من الرشد أو بتبين

فَمَنْ: الفاء استئنافية من اسم شرط جازم مبتدأ

يَكْفُرْ: فعل الشرط مجزوم

بِالطَّاغُوتِ: متعلقان بيكفر

وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ: لفظ الجلالة مجرور بالباء والجار والمجرور متعلقان بيؤمن والجملة معطوفة على يكفر

فَقَدِ: الفاء رابطة لجواب الشرط قد حرف تحقيق

اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ: الجار والمجرور متعلقان بالفعل قبله

الْوُثْقى: صفة والجملة في محل جزم جواب الشرط

لَا انْفِصامَ لَها: لا النافية للجنس وانفصام اسمها ولها متعلقان بالخبر المحذوف والجملة في محل نصب حال

وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ: لفظ الجلالة مبتدأ وخبراه والجملة اعتراضية أو استئنافية.

لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ: لا جبر ولا إلجاء على الدخول في الدين

والدين هنا: المعتقد والملة بقرينة قوله: قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ أي ظهر بالآيات البينات الواضحات أنَّ الإيمان رشد، والكفر غي

والرشد والرشاد: الهدى وكل خير، وضده الغي أي الضلال في الاعتقاد أو الرأي.

أما الجهل فهو كالغي إلا أنه في الأفعال لا في الاعتقاد.

بِالطَّاغُوتِ: الشيطان أو الأصنام، مأخوذ من الطغيان: وهو مجاوزة الحد في الشيء.ويجوز تذكيره وتأنيثه وإفراده وجمعه، ويتحدد

المراد بحسب المعنى.

اسْتَمْسَكَ: تمسك

بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى: بالعقد المحكم.

والعروة: من الدلو والكوز ونحوهما: المقبض الذي يمسك به من يأخذهما.

والوثقى: مؤنث الأوثق: وهو الحبل الوثيق المحكم.

ويجوز أن يراد بالعروة الوثقى: الشجر الملتف لَا انْفِصامَ لَها لا انقطاع لها.