الآية رقم (255) - اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ

الآن نأتي إلى أعظم آية في كتاب الله سبحانه وتعالى، روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنّ أعظم آية في كتاب الله: (اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) ([1]) آية الكرسيّ، وهناك أحاديث كثيرة وردت عن سيّدنا رسول الله في فضل وعظمة هذه الآية، منها قوله صلَّى الله عليه وسلّم: “من قرأ آية الكرسي دبر كلّ صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنّة إلّا أن يموت([2])، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: وكّلني رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت فجعل يحثو من الطّعام، فأخذته وقلت: والله لأرفعنّك إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال: إنّي محتاج وعليّ عيال ولي حاجة شديدة، قال: فخلّيت عنه، فأصبحت فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلَّم: «يا أبا هريرة، ما فعل أسيرك البارحة؟»، قال: قلت: يا رسول الله، شكا حاجة شديدة وعيالاً فرحمته فخلّيت سبيله، قال: «أما إنّه قد كذبك وسيعود»، فعرفت أنّه سيعود لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلَّم: «إنّه سيعود». فرصدته فجاء يحثو من الطّعام فأخذته فقلت: لأرفعنّك إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلَّم، قال: دعني فإنّي محتاج وعليّ عيال لا أعود، فرحمته فخلّيت سبيله، فأصبحت فقال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلَّم: «يا أبا هريرة، ما فعل أسيرك؟»، قلت: يا رسول الله، شكا حاجة شديدة وعيالاً فرحمته فخلّيت سبيله، قال: «أما إنّه كذبك وسيعود». فرصدته الثّالثة فجاء يحثو من الطّعام فأخذته فقلت: لأرفعنّك إلى رسول الله وهذا آخر ثلاث مرّات تزعم لا تعود ثمّ تعود، قال: دعني أعلّمك كلمات ينفعك الله بها، قلت: ما هو؟ قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسيّ (اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) حتّى تختم الآية فإنّك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربنّك شيطان حتّى تصبح، فخلّيت سبيله فأصبحت، فقال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلَّم : «ما فعل أسيرك البارحة؟»، قلت: يا رسول الله، زعم أنّه يعلّمني كلمات ينفعني الله بها فخلّيت سبيله، قال: «ما هي؟»، قلت: قال لي: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسيّ من أوّلها حتّى تختم (اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ)، وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتّى تصبح، -وكانوا أحرص شيء على الخير- فقال النّبيّ صلَّى الله عليه وسلّم: «أما إنّه قد صدقك وهو كذوب، تعلم مَن تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة؟»، قال: لا، قال: «ذاك شيطان»([3])، أي أنّه صدق بأنّ آية الكرسيّ هي أعظم آية في كتاب الله سبحانه وتعالى.

اللَّهُ: لفظ الجلالة مبتدأ

لا: نافية للجنس

إِلهَ: اسمها

إِلَّا: أداة حصر

هُوَ: بدل من محل لا واسمها والجملة خبر المبتدأ الله

الْحَيُّ: خبر ثان

الْقَيُّومُ: خبر ثالث أو هما صفتان لله

لا تَأْخُذُهُ: لا نافية تأخذه فعل مضارع ومفعول به

سِنَةٌ: فاعل

وَلا نَوْمٌ: عطف على سنة والجملة مستأنفة أو خبر

لَهُ: متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر مقدم

ما: اسم موصول مبتدأ

فِي السَّماواتِ: متعلقان بمحذوف صلة الموصول

وَما فِي الْأَرْضِ: عطف على ما في السموات

مَنْ ذَا: من اسم استفهام مبتدأ

ذَا: اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع خبر

الَّذِي: اسم موصول صفة أو بدل

يَشْفَعُ: مضارع الجملة صلة الموصول

عِنْدَهُ: ظرف مكان متعلق بيشفع

إِلَّا: أداة حصر

بِإِذْنِهِ: متعلقان بمحذوف حال

يَعْلَمُ ما: فعل مضارع واسم موصول مفعول به

بَيْنَ: ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة الموصول

أَيْدِيهِمْ: مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة على الياء

وَما: عطف على ما الأولى

خَلْفَهُمْ: ظرف مكان متعلق بمحذوف الصلة أيضا.

وَلا: الواو عاطفة لا نافية

يُحِيطُونَ: فعل مضارع وفاعل

بِشَيْءٍ: متعلقان بالفعل قبلهما

مِنْ عِلْمِهِ: متعلقان بمحذوف صفة شيء

إِلَّا: أداة حصر

بِما: متعلقان بمحذوف بدل من شيء

جملة «شاءَ» صلة الموصول.

وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ: فعل ماض وفاعل ومفعول به والجملة مستأنفة

وَالْأَرْضَ: عطف على السموات

وَلا: الواو عاطفة لا نافية.

يَؤُدُهُ حِفْظُهُما: فعل مضارع ومفعوله وفاعله والجملة معطوفة

وَهُوَ: الواو عاطفة هو مبتدأ

الْعَلِيُّ: خبر أول

الْعَظِيمُ: خبر ثان

اللَّهُ: هو المعبود بحق

والعبادة: استعباد الروح وإخضاعها لسلطة غيبية لا تحيط بها علمًا، ولا تدرك حقيقتها لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لا معبود بحق

في الوجود سوى الله

الْحَيُّ: الدائم البقاء أو ذو الحياة، والحياة صفة لله تعالى تستلزم اتصافه بالعلم والإرادة والقدرة الْقَيُّومُ دائم القيام أو القائم بتدبير

خلقه في آجالهم وأعمالهم وأرزاقهم، وحفظهم ورعايتهم

كما قال تعالى: (أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) [الرعد 13/ 33] .

لا تَأْخُذُهُ: الأخذ: الغلبة والاستيلاء

سِنَةٌ: نعاس وهو فتور قبل النوم.

والنوم: حال تعرض للحي، بها تقف الحواس الظاهرة عن الإحساس والشعور.

كُرْسِيُّهُ: علمه الإلهي بدليل قوله تعالى: (رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً) [غافر 40/ 7]

ولأنَّ أصل الكرسي: العلم، ومنه يقال للعلماء: كراسي، للاعتماد عليهم، وقيل: المراد بها عظمته ولا كرسي ثمة ولا قعود ولا

قاعد، كقوله تعالى: (وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ، وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ، وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) [الزمر 39/ 67]

وقيل: ملكه، وقال الحسن البصري: الكرسي هو العرش

وَلا يَؤُدُهُ: ولا يثقله ولا يشق عليه حفظ السموات والأرض ومن فيهما، بل ذلك سهل عليه يسير لديه

وهو القائم على كل نفس بما كسبت، الرقيب على جميع الأشياء، وهو الغني الحميد، الفعال لما يريد، وهو القاهر لكل شيء

العلي العظيم لا إله غيره ولا رب سواه.

وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ: العلي: المتعالي عن الأشباه والأنداد وهو فوق خلقه بالقهر

والعظيم: هو الكبير الذي لا شيء أعظم منه وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ مثل قوله: وهو الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ.