الآية رقم (28) - كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ

وعندما نناقش مُلحداً في قضيّة ما، علينا أن نلجأ إلى ما هو مُشاهد ومحسوس وملموس؛ لأنّه لا يقبل إلّا بالتّجربة والبرهان، هو يرفض الأمور الغيبيّة، فإذا أخبرته مثلاً بأنّ الله سبحانه وتعالى خلق آدم من تراب، فإنّه يأخذ الأمر بالسّخرية والاستهزاء، ويقول لك: أثبت لي ذلك، فالخلق نناقشه بالدّليل، أمّا الموت فهو واقع بالحسّ والمشاهدة. والموت نقيض الحياة، وإذا نظرت إلى الموت رأيت مراحل الخلق، وعندما يموت الإنسان فأوّل شيء يخرج منه روحه الّتي هي آخر ما دخل في جسده حين خُلق، وبعد دفنه في قبره تبدأ مراحل فنائه، وإذا راقبنا جثّة الميّت ماذا حلّ بها، نجد أنّها تتحوّل إلى حمأٍ مسنون، وبعد فترة تصبح صلصالاً، ثمّ يتبخّر الماء، وفي آخر مرحلة تصبح تراباً، فهو يعود إلى تدرّج خلقه بشكلٍ عكسيّ.. وهكذا تسلسل مراحل فناء الإنسان، وهي عكس تسلسل مراحل الخلق، قال سبحانه وتعالى: ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ[الأعراف: من الآية 29].

كَيْفَ: اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب حال.

تَكْفُرُونَ: فعل مضارع والواو فاعل.والجملة مستأنفة.

بِاللَّهِ: لفظ الجلالة مجرور بالباء ومتعلقان بتكفرون.

وَكُنْتُمْ: الواو حالية، وقد مقدرة قبل الفعل الماضي كنتم وهو فعل ماض ناقص والتاء اسمها، والميم للجمع

أَمْواتاً: خبرها.والجملة في محل نصب حال.

فَأَحْياكُمْ: الفاء حرف عطف، أحياكم فعل ماض ومفعول به والفاعل ضمير مستتر تقديره هو.

ثُمَّ: حرف عطف.

يُمِيتُكُمْ: فعل مضارع ومفعول به والفاعل هو.

ثُمَّ: حرف عطف.

يُحْيِيكُمْ: فعل مضارع ومفعوله والميم للجمع وفاعله مستتر.

ثُمَّ: حرف عطف.

إِلَيْهِ: متعلقان بالفعل بعده

تُرْجَعُونَ: والجملة معطوفة.

كَيْفَ تَكْفُرُونَ: يا أهل مكة، مثله في قولك: «أتكفرون بالله ومعكم ما يصرف عن الكفر، ويدعو إلى الإيمان؟»

والاستفهام للإنكار والتعجب من كفرهم مع قيام البرهان أو للتوبيخ.

كُنْتُمْ أَمْواتاً: نطفاً في الأصلاب.

فَأَحْياكُمْ: في الأرحام والدنيا، بنفخ الروح فيكم.

ثُمَّ يُمِيتُكُمْ: عند انتهاء آجالكم.

ثُمَّ يُحْيِيكُمْ: بالبعث، فيجازيكم بأعمالكم.

ودخلت الواو على جملة كُنْتُمْ أَمْواتاً إلى آخر الآية، كأنَّه قيل: كيف تكفرون بالله، وقصتكم هذه، وحالكم أنكم كنتم أمواتاً، نطفاً في

أصلاب آبائكم، فجعلكم أحياء، ثم يميتكم بعد هذه الحياة،

ثم يحييكم: بعد الموت، ثم يحاسبكم.