الآية رقم (28) - كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ

هذا استفهام استنكاريّ: كيف تكفرون بالله؟! تذكّروا وجود الله.. من خلال إحيائكم وإماتتكم، فهو الّذي خلق الموت والحياة. وقدّم الموت على الحياة؛ لأنّ الموت هو دليل على الحياة. وقضيّة الموت هي السّبيل لمواجهة الإلحاد؛ لأنّ دعوات الإلحاد لا تواجَه إلّا بالعلم وبالدّليل، وقضيّة الموت هي السّبيل لمواجهة الملحدين الّذين يقولون: إنّ العقل يكفي لإدارة الحياة، ويقولون: لا تحدّثونا عن الغيبيّات.. نردّ عليهم: إنّ الّذي تحكّم في الخلق إيجاداً هو الّذي تحكّم فيه موتاً، وقد أرانا الموت بحقيقته، وذكر لنا ما غاب عنّا من خلقنا: ﴿مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ [الكهف: من الآية 51]، فلا أحد شهد خلق نفسه، ولم نحضر آدم عليه السَّلام عندما خُلِق، فذكر الله سبحانه وتعالى لنا ما غاب عنّا في القرآن الكريم، وأرانا الموت بالمشاهدة والحسّ. فنحن بصدد قضيّة عقليّة فكريّة علميّة أمام الملحدين، وعلينا الحديث بشكلٍ علميّ واقعيّ عقليّ يقبله العقل. والخلق بالنّسبة لنا ثبت بالدّليل، أمّا الموت فبالحسّ والمشاهدة.

كَيْفَ: اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب حال.

تَكْفُرُونَ: فعل مضارع والواو فاعل.والجملة مستأنفة.

بِاللَّهِ: لفظ الجلالة مجرور بالباء ومتعلقان بتكفرون.

وَكُنْتُمْ: الواو حالية، وقد مقدرة قبل الفعل الماضي كنتم وهو فعل ماض ناقص والتاء اسمها، والميم للجمع

أَمْواتاً: خبرها.والجملة في محل نصب حال.

فَأَحْياكُمْ: الفاء حرف عطف، أحياكم فعل ماض ومفعول به والفاعل ضمير مستتر تقديره هو.

ثُمَّ: حرف عطف.

يُمِيتُكُمْ: فعل مضارع ومفعول به والفاعل هو.

ثُمَّ: حرف عطف.

يُحْيِيكُمْ: فعل مضارع ومفعوله والميم للجمع وفاعله مستتر.

ثُمَّ: حرف عطف.

إِلَيْهِ: متعلقان بالفعل بعده

تُرْجَعُونَ: والجملة معطوفة.

كَيْفَ تَكْفُرُونَ: يا أهل مكة، مثله في قولك: «أتكفرون بالله ومعكم ما يصرف عن الكفر، ويدعو إلى الإيمان؟»

والاستفهام للإنكار والتعجب من كفرهم مع قيام البرهان أو للتوبيخ.

كُنْتُمْ أَمْواتاً: نطفاً في الأصلاب.

فَأَحْياكُمْ: في الأرحام والدنيا، بنفخ الروح فيكم.

ثُمَّ يُمِيتُكُمْ: عند انتهاء آجالكم.

ثُمَّ يُحْيِيكُمْ: بالبعث، فيجازيكم بأعمالكم.

ودخلت الواو على جملة كُنْتُمْ أَمْواتاً إلى آخر الآية، كأنَّه قيل: كيف تكفرون بالله، وقصتكم هذه، وحالكم أنكم كنتم أمواتاً، نطفاً في

أصلاب آبائكم، فجعلكم أحياء، ثم يميتكم بعد هذه الحياة،

ثم يحييكم: بعد الموت، ثم يحاسبكم.