كيفيّة التّفسير وقواعده:

ولو فهمنا أنّ القرآن لا يفسّر إلّا بالقرآن أوّلاً لما استطاع هؤلاء الّذين أرادوا أن يستغلّوا الدّين لمصالح سياسيّة أن يقنعوا أحداً بمآربهم. ونبيّنا صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «ما آمن بي من بات شبعانَ وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به»([3])، ويقول صلَّى الله عليه وسلَّم  «دخلت امرأة النّار في هرّة ربطتها، فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض»([4]) ولا يمكن لهذا الدّين أن يقرّ بقتل نملة فكيف بقتل إنسانٍ؟!! وعلى أيّ شيء؟ على دينه؟ والدّين اعتقاد، والدّين هداية، والله عزَّوجل يقول: ﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ  [النّحل: من الآية 125]، ولم يقل: (جادلهم بالسّيف)، ولم يقل: (اقتلهم)..

فإذا مرّت معنا آية من الآيات لا نحملها على كلّ الآيات؛ لأنّنا نفسّر القرآن بالقرآن والآيات يكمّل بعضها بعضاً، ويفسّر بعضها بعضاً.

 

ثانياً- تفسير القرآن بالسنّة:

فالقرآن يفسّر بالقرآن أوّلاً ويُفسّر بالسنّة ثانياً، والرّسول مبلّغ عن الله سبحانه وتعالى وهو الّذي لا ينطق عن الهوى، والله تعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ﴾ [الأنفال]، وفي آية أخرى يقول: ﴿وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [النّور]، وفي آية أخرى يقول: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا﴾ [الحشر: من الآية 7]، فلماذا نُطيع الرّسول صلَّى الله عليه وسلَّم طالما أنّ الله سبحانه وتعالى قال: ﴿مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ﴾ ]الأنعام: من الآية 38[، الجواب: الله سبحانه وتعالى يعلّمنا أنّ الرّسول صلَّى الله عليه وسلَّم ليس مجرّد ناقل، بل هو مبلّغ عن الله سبحانه وتعالى وحيه، وهو أيضاً الوحيد المشرِّع للأمّة.