﴿فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ﴾: بكلّ آيات القرآن الكريم وآيات الله سبحانه وتعالى الّتي تتبدّى في الخلق، من الشّمس والقمر والنّجوم، ومن الأنهار والماء والبحار، ومن الهواء والسّحاب.. ومن كلّ ما خلقه جلَّ جلاله من النّبات والحيوان، كلّ هذا الخلق وهم يجحدون ويكفرون به، فإنهم لا يكذّبونك يا محمّد، وإنّما يكفرون بآيات الله سبحانه وتعالى، وهذا تسليةٌ من الله سبحانه وتعالى لرسوله الكريم، حتّى لا يحزن، ورغم حزن النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلّا أنّه كان بهم رحيماً، عن عروة أنّ عائشة رضي الله عنها زوج النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم حدّثته أنّها قالت للنّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: هل أتى عليك يومٌ أشدّ من يوم أُحُد؟ قال: «لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشدّ ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهمومٌ على وجهي، فلم أستفق إلّا وأنا بقرن الثّعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابةٍ قد أظلّتني، فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال: إنّ الله قد سمع قول قومك لك وما ردّوا عليك، وقد بعث الله إليك مَلَك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال فسلّم عليّ ثمّ قال: يا محمّد، فقال: ذلك فيما شئت إن شئت أن أُطبِق عليهم الأخشبين؟ فقال النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً»([2])، وكان يقول صلَّى الله عليه وسلَّم: «إنّما أنا رحمةٌ مهداة»([3])، وعندما كانوا يقولون له: ألا تدعو على قومك؟! يقول صلَّى الله عليه وسلَّم: «اللّهمّ اهدِ قومي فإنّهم لا يعلمون»([4])، هذا كان جواب النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم.