هذه الآية تسليةٌ لقلب النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم.
﴿قَدْ﴾: هنا للتّحقيق، أي تحقيقٌ بعلم ما يحدث.
﴿قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ﴾: والنّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان يحزن عندما يرى أنّه يدعو النّاس إلى الخير وهم يقابلونه بالشّرّ، فقالوا عنه: ساحرٌ، وقالوا: مجنونٌ، وقالوا: كذّابٌ، وقالوا: مفترٍ، وقالوا: أضغاث أحلامٍ، لم يتركوا صفةً من الصّفات المذمومة إلّا وقالوها، وهو صلَّى الله عليه وسلَّم الصّادق الأمين، لذلك أراد الله تبارك وتعالى أن يرفع الحزن عن هذه النّفس العظيمة، نفس محمّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال له: يا محمّد، ﴿قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ﴾، وهذه تسليةٌ لقلب النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فعندما ذهب صلَّى الله عليه وسلَّم إلى الطّائف، أغروا به غلمانهم ليلقوا عليه الحجارة ويشتموه فما كان منه إلّا أن قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «اللّهمّ إنّي أشكو إليك ضعف قوّتي وهواني على النّاس، أنت أرحم الرّاحمين، إلى من تكلني؟! إلى عدوٍّ يتجهّمني؟ أم إلى قريبٍ ملّكته أمري؟ إن لم تكن غضبان عليّ فلا أبالي، غير أنّ عافيتك أوسع لي»([1]).