الآية رقم (33) - قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ

﴿فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ﴾: بكلّ آيات القرآن الكريم وآيات الله سبحانه وتعالى الّتي تتبدّى في الخلق، من الشّمس والقمر والنّجوم، ومن الأنهار والماء والبحار، ومن الهواء والسّحاب.. ومن كلّ ما خلقه جلَّ جلاله من النّبات والحيوان، كلّ هذا الخلق وهم يجحدون ويكفرون به، فإنهم لا يكذّبونك يا محمّد، وإنّما يكفرون بآيات الله سبحانه وتعالى، وهذا تسليةٌ من الله سبحانه وتعالى لرسوله الكريم، حتّى لا يحزن، ورغم حزن النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلّا أنّه كان بهم رحيماً، عن عروة أنّ عائشة رضي الله عنها زوج النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم حدّثته أنّها قالت للنّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: هل أتى عليك يومٌ أشدّ من يوم أُحُد؟ قال: «لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشدّ ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهمومٌ على وجهي، فلم أستفق إلّا وأنا بقرن الثّعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابةٍ قد أظلّتني، فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال: إنّ الله قد سمع قول قومك لك وما ردّوا عليك، وقد بعث الله إليك مَلَك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال فسلّم عليّ ثمّ قال: يا محمّد، فقال: ذلك فيما شئت إن شئت أن أُطبِق عليهم الأخشبين؟ فقال النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً»([2])، وكان يقول صلَّى الله عليه وسلَّم: «إنّما أنا رحمةٌ مهداة»([3])، وعندما كانوا يقولون له: ألا تدعو على قومك؟! يقول صلَّى الله عليه وسلَّم: «اللّهمّ اهدِ قومي فإنّهم لا يعلمون»([4])،  هذا كان جواب النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم.

 


(([1] مجمع الزّوائد ومنبع الفوائد: كتاب المغازي والسّير، باب خروج النّبيّ : إلى الطّائف وعرضه نفسه على القبائل، الحديث رقم (9851).
(([2] مجمع الزّوائد ومنبع الفوائد: كتاب المغازي والسّير، باب خروج النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى الطّائف وعرضه نفسه على القبائل، الحديث رقم (9851).
([3]) سنن الدّارمي: المقدّمة، باب كيف كان أوّل شأن النّبيّ :، الحديث رقم (15).
([4]) شعب الإيمان للبيهقيّ: 164/2، الحديث رقم (1447).

قَدْ: تفيد التقليل مع المضارع، أما بالنسبة لله فيراد بها التكثير

نَعْلَمُ: مضارع يتعدى لمفعولين ولكنه علق بسبب لام الابتداء في خبر إن ولهذا كسرت همزتها بعد نعلم

إِنَّهُ: إن واسمها

لَيَحْزُنُكَ: فعل مضارع والكاف مفعوله، واللام المزحلقة والجملة في محل رفع خبر إن، والهاء اسمها

الَّذِي: اسم موصول فاعل

والجملة الفعلية (يَقُولُونَ): صلة الموصول لا محل لها، وجملة قد نعلم استئنافية لا محل لها.

فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ: يكذبونك فعل مضارع وفاعل ومفعول به والجملة في محل رفع خبر إن والهاء اسمها، الفاء تعليلية وعلى ذلك فالجملة لا محل لها

لكِنَّ: حرف مشبه بالفعل

الظَّالِمِينَ: اسمها المنصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم

بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ: فعل مضارع تعلق به الجار والمجرور قبله (بِآياتِ) ولفظ الجلالة مضاف إليه والجملة في محل رفع خبر لكن وجملة ولكن الظالمين معطوفة على ما قبلها بالواو العاطفة.

قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ: قد: للتحقيق، وإنه: الضمير للشأن

لَيَحْزُنُكَ: الحزن: ألم نفسي يحدث بسبب فقد محبوب، أو امتناع مرغوب، أو حدوث مكروه.

الذين يقولون: لك من التكذيب

فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ: في السر، لعلمهم أنك صادق، والتكذيب: الرمي بالكذب.

بِآياتِ اللَّهِ: القرآن

يَجْحَدُونَ: الجحود: إنكار ما ثبت في القلب، أو إثبات ما نفي فيه.