الآية رقم (15) - قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُم مُّسْتَمِعُونَ

﴿كَلَّا﴾: تفيد نَفْي ما قبلها، وقبلها مسائل ثلاث:

1- ﴿إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ﴾[الشّعراء: من الآية 12].

2- ﴿وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي﴾[الشّعراء: من الآية 13].

3- ﴿فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ﴾[الشّعراء: من الآية 14].

فعلى أيٍّ منها ينصَبُّ هذا النّفي؟ النّفي هنا يتوجَّه إلى ما يتعلّق بموسى عليه السّلام لا بما يتعلّق بالقوم من تكذيبهم إيّاه، يقول له ربّه: اطمئنّ، فلن يحدث شيء من هذا كلّه، ولا ينصبُّ النّفي على تكذيبهم له؛ لأنّه سيُكذَّب؛ لذلك نرى دقّة الأداء القرآنيّ، حيث جاءت: ﴿إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ﴾ [الشّعراء: من الآية 12]، في نهاية الآية، وبعدها كلام جديد: ﴿وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي﴾[الشّعراء: من الآية 13]، وهو المقصود بالنّفي.

وكلمة: ﴿كَلَّا﴾ هذه أصبح لها تاريخ مع موسى عليه السّلام فقد تعلَّمها من ربّه تعالى، ووعى درسها جيّداً، فلمّا حُوصِر هو وأتباعه بين البحر من أمامهم، وفرعون وجنوده من خلفهم، أيقن أتباعه أنّهم مُدْركون هالكون، قالها موسى عليه السّلام بملء فيه: ﴿قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾[الشّعراء].

﴿فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا﴾: الآيات هنا يُقصَد بها المعجزات الدّالّة على صِدْقهما في البلاغ عن الله تعالى، وهي هنا العصا.

﴿إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ﴾: كما قال لهما في موضع آخر: ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾[طه: من الآية 46]، فمرّة يأتي بالسّمع فقط، ومرّة بالسّمع والرّؤية، لماذا؟ لأنّ موقفه مع فرعون في المقام الأوّل سيكون جدلاً ونقاشاً، وهذا يناسبه السّمع، وبعد ذلك ستحدث مقامات في (فعل) و(عمل) في مسألة السّحر وإلقاء العصا، وهذا يحتاج إلى سمع وبصر؛ فانظروا إلى هذا العطاء العظيم من الرّبّ الكريم.

«قالَ» الجملة مستأنفة

«كَلَّا» حرف ردع

«فَاذْهَبا» الفاء عاطفة عطفت على الجملة المحذوفة وفعل أمر والألف فاعله

«بِآياتِنا» متعلقان باذهبا ونا مضاف إليه

«إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ» إن حرف مشبه بالفعل ونا اسمها ومعكما ظرف متعلق بمستمعون ومستمعون خبر إن مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والجملة مقول القولَ