الآية رقم (9) - قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا

﴿قَالَ﴾: أي: الحقّ تبارك وتعالى.

﴿كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ﴾: أي: أنّه سبحانه وتعالى قال ذلك وقضى به، فلا تناقش في هذه المسألة يا زكريّا، فنحن أعلَم بك وما أنتَ فيه من كِبَر، وأنّ زوجتك عاقر، ومع ذلك سأهبك الولد.

﴿هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ﴾: وفي آيةٍ أخرى يقول في آية البعث: ﴿وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ [الرّوم: من الآية 27]، فلا تظنّ أنّ الأمر بالنّسبة إلى الله سبحانه وتعالى فيه شيءٌ هَيِّن وشيءٌ أَهْوَن، وشيءٌ شاقّ، فالمراد بهذه الألفاظ تقريب المعنى إلى أذهاننا.

والحقّ سبحانه وتعالى يخاطبنا على كلامنا نحن وعلى منطقنا، فالخَلْق من موجود أهون في نظرنا من الخلق من غير موجود، كما قال سبحانه وتعالى: ﴿أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾[ق]، فمسألة الإيجاد بالنّسبة إليه سبحانه وتعالى ليس فيها سَهْل وأسْهَل أو صَعْب وأصعب؛ لأنّ هذه تُقال لـمَنْ يعمل الأعمال علاجاً، ويُزوالها مُزَاولة، وهذا في أعمالنا نحن البشر، أمّا ربّ البشر تبارك وتعالى فإنّه لا يعالج الأفعال، بل يقول للشّيء: ﴿كُن﴾ فيكون، قال جل جلاله: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾[يس].

ثمّ يُدلّل الحقّ سبحانه وتعالى بالأَقْوى، فيقول:

﴿وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا﴾: فإيجاد يحيى عليه السلام من شيء أقلّ غرابة من الإيجاد من لا شيء.

«قالَ» ماض فاعله مستتر والجملة مستأنفة

«كَذلِكَ» متعلقان بخبر لمبتدأ محذوف أي الأمر كذلك والجملة مقول القول

«قالَ رَبُّكَ» ماض وفاعله والكاف مضاف إليه

«هُوَ» مبتدأ «عَلَيَّ» متعلقان بالخبر هين

«هَيِّنٌ» خبر والجملة مقول القول

«وَقَدْ» الواو حالية وقد حرف تحقيق

«خَلَقْتُكَ» ماض وفاعله ومفعوله والجملة لا محل لها لأنها جواب قسم

«مِنْ» حرف جر

«قَبْلُ» ظرف مبني على الضم في محل جر بمن وهما متعلقان بخلقتك

«وَلَمْ» الواو عاطفة ولم حرف جزم

«تَكُ» مضارع ناقص مجزوم بالسكون المقدر على النون المحذوفة للتخفيف واسمها مستتر

«شَيْئاً» خبر والجملة معطوفة.