لم تُظهِر له إعجاباً، ولا مالتْ إليه بكلمة واحدة، وهذا دليل على عِفّتها وطهارتها واستقامتها والتزامها، فالسّيّدة مريم عنوان لهذه المعاني العظيمة كلّها.
﴿إِنِّي أَعُوذُ﴾: أي: ألجأ وأعتصم بالله عزَّ وجلَّ منك؛ لأنّني أخاف منك، وأنا ضعيفة لا حَوْلَ لي ولا قوّة إلّا بالله، فأستعيذ به منك أن تقترب منّي. والمؤمن هو الّذي يحترم الاستعاذة بالله ويُقدِّرها، فإذا استعذتَ بالله سبحانه وتعالى أعاذك، وإذا استجرتَ بالله جل جلاله أجارك.
فقول السّيّدة مريم: ﴿إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا﴾؛ لأنّ المؤمن التّقيّ هو الّذي يخاف الله عزَّ وجلَّ، ويحترم الاستعاذة به، وكأنّها قالتْ: إنْ كنت تقيّاً فابتعد عنّي، واختارت الاستعاذة بالرّحمن لما عندها من الأمل إنْ لم يكُنْ تقيّاً مؤمناً أن يبتعد عنها رحمةً بها وبضعفها، ولجأتْ إلى الرّحمن الرّحيم الّذي يحميها ويحرسها منه.