أمراض القلوب تختلف عن أمراض الجوارح، فأمراض الجوارح تعطي إنذاراً بالألم، بينما أمراض القلوب لا تُعطي إنذاراً.
والإنسان قد يكون مفسداً ويظنّ نفسه أنّه يُصلح، وقد يكون بخيلاً ويقول: ليس هناك من هو أكرم منّي، وقد يكون فاجراً ويقول: ليس هناك من هو أهدى منّي، وقد يقول: أنا لا أحسد أحداً، ويكون أكبر الحاسدين.
فأمراض القلوب من عُجب وكبر وضغينة وحقد، لا إنذار لها.
والمنافقون في قلوبهم مرض وهم لا يشعرون، وأوّل سبب لذلك هو عدم الانسجام وعدم التّوافق بين الملكات، فهناك ملكة الكلام، وملكة الاعتقاد، وغيرها، وإذا أظهر الإنسان شيئاً وأبطن شيئاً آخر فهذا دليل على عدم الانسجام بين الملكات النّفسيّة، وعدم الانسجام مرض في القلب، وزادهم الله مرضاً ليس ظلماً منه (سبحانه)، بل لأنّهم اختاروا الضّلال والكذب واختاروا الفجور وعدم الأمانة، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ [البلد]، ويقول: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾ [الإنسان]، فالله سبحانه وتعالى وضع أمام الإنسان الاختيار، فإمّا أن يختار خيار المرض فيزيده الله مرضاً لاختياره، وإمّا أن يختار الصّحة والسّلامة فيوفّق إليها.