الآية رقم (11) - وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ

هذه هي مشكلة المنافقين، فهم يظنّون أنفسهم مصلحين.

والفساد على أضرب، فساد في القيم، وفساد في النّعم، وفساد في البدن. وفساد القيم يعلّم النّاس الانحلال والنّفاق والفجور والسّرقة والكذب والرّشوة. أمّا فساد النّعم فهو سوء التّصرّف بالنّعم الّتي أعطانا الله إيّاها، فمثلاً: إذا أعطاك الله سبحانه وتعالى بئراً فردمته بدلاً من أن تصلحه وتستفيد منه، فقد أفسدت ما كان صالحاً في الكون. وفساد البدن مثاله لو أنّ إنساناً قيل له: لا تأكل كثيراً فيسقم بدنك، فأكثر من الأكل وتناول الأطعمة الّتي تضرّ بجسمه، ومَن قيل له: لا تشرب الخمر؛ لأنّه يؤدّي إلى تشمّع الكبد، فشرِبَ الخمر.. فهذا فساد البدن. وفساد القيم والنّعم أخطر؛ لأنّ علاقتهما مع المجتمع بأكمله، فإذا ظهر الفساد في قومٍ فقد أحلّوا بأنفسهم عذاب الله، وإذا شاعت الموبقات كالزّنا والرّبا.. الّتي هي من فساد القيم فإنّها تضرّ بالمجتمع.. وهذه من صفات المنافقين. والمنافقون يُفسدون بحجّة الإصلاح، وباعتقادهم أنّهم مصلحون، وهم يُفسدون القيم والنّعم والبدن.

وَإِذا: الواو استئنافية، وإذا ظرف لما يستقبل من الزمن خافض لشرطه منصوب بجوابه

قِيلَ: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل هو

لَهُمْ: جار ومجرور متعلقان بقيل، وجملة قيل في محل جر بالإضافة.

لا تُفْسِدُوا: لا ناهية جازمة، تفسدوا فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف النون من آخره لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعل.

فِي الْأَرْضِ: جار ومجرور متعلقان بالفعل تفسدوا

(لا تفسدوا): في محل نصب مقول القول.

قالُوا: فعل ماض والواو فاعل، والجملة جواب شرط غير جازم.

إِنَّما: كافة ومكفوفة،

نَحْنُ: ضمير منفصل مبني على الضم في محل رفع مبتدأ

مُصْلِحُونَ: خبر مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم، والجملة في محل نصب مقول القول.

لا تُفْسِدُوا الفساد: ضد الصلاح، والمراد النهي عن الأسباب المؤدية إلى الفساد، بإثارة الفتن، وإفشاء أسرار المؤمنين إلى الكفار

وإغرائهم بالمؤمنين، وتنفيرهم من اتباع محمد صلّى الله عليه وسلّم، والكفر والصد عن سبيل الله.

إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ؛ قصر الموصوف على الصفة، أي نحن مصلحون ليس إلا.

إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ الصلاح ضد الفساد، أي ليس شأننا الإفساد أبدًا، ولا شأن لنا إلا الإصلاح، وإنما نحن أناس مصلحون، بعيدون

عن شوائب الإفساد، نسعى للخير والصلاح.