﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾: ربط العمل الصّالح بالإيمان؛ لأنّه مُنطلَق المؤمن في كُلِّ ما يأتي وما يدع؛ لينال بعمله سعادة الدّنيا وسعادة الآخرة، أمّا مَنْ يعمل الصّالح لذات الصّلاح ومن منطلق الإنسانيّة والمروءة كما يقولون، فلا يخلو هذا كلّه عن أهواء وأغراض، ويمكن أن يأخذ نصيبه في الدّنيا، ويحظى فيها بالتّكريم والسُّمْعة، أمّا في الآخرة فلا ثواب له؛ لأنّ فَعَل الخير يجب أن يعمله الإنسان وفي باله الله جلَّ جلاله، لا رياء ولا سمعة، والحقّ سبحانه وتعالى يعطينا مثالاً لذلك في قوله جلَّ جلاله: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [النّور]؛ أي: فوجئ بوجود إله يحاسبه ويجازيه، وهذه مسألة لم تكُنْ على باله، فيقول له: عملتَ ليقال، وقد قيل، وانتهت المسألة؛ لذلك يقول سبحانه وتعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ﴾[الشّورى: من الآية 20]؛ أي: نعطيه أجره في عالم آخر لا نهاية له، ﴿وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ﴾[الشّورى: من الآية 20]؛ لأنّه عَمِلَ للنّاس، فليأخذ أجره منهم.
﴿فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ﴾: يعني: لا نبخسه حَقَّه، ولا نجحد سَعْيه أبداً.
﴿وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ﴾: نسجِّل له أعماله، ونحفظها، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾[الانفطار].