الآية رقم (7-8) - فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ - وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ

﴿خَيْرًا يَرَهُ﴾: الخير يقابله الشّرّ، والإنسان يُميّز الخير؛ لأنّه نافعٌ وحسنٌ، ويميّز الشّرّ؛ لأنّه ضارٌّ وقبيحٌ، لكنّ كلمة (خير) تُستعمل أحياناً استعمالاً لا يُقابله الشّرّ، بل يُقال: هذا الأمر خيرٌ من الثّاني مع أنّ الثّاني خيرٌ أيضاً، كقوله صلَّى الله عليه وسلَّم فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمنِ الضّعيفِ، وفي كلٍّ خيرٌ»([2])، فالمؤمن القويّ والمؤمن الضّعيف فيهما خيرٌ، لكن هناك خيرٌ يزيد عن خيرٍ، فالخير هنا بمعنى (أفعل) للتّفضيل، لكنّها في هذه الآية ليست اسم تفضيلٍ، بل المقصود بهما جنس العمل الّذي يُقال له: خيرٌ، وجنس العمل الّذي يُقال له: شرٌّ. فإن جاءت (خير) من غير أن تسبقها (مِن) فالمراد بها المقابل لها وهو الشّرّ. ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ _ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ ، فهذه النّهاية الّتي يطمئنّ لها الإنسان: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ﴾ [الأنبياء]، العدل الّذي أقامه الله سبحانه وتعالى: ﴿وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ﴾ [الرّحمن]،  فكلّ شيءٍ بميزانٍ.


([1]) صحيح البخاريّ: كتاب التّفسير، باب سورة الزّلزلة، الحديث رقم (4678).
([2]) صحيح مسلم: كتاب القدر، باب في الأمر بالقوّة وترك العجز والاستعانة بالله وتفويض المقادير لله، الحديث رقم (2664).

فَمَنْ: الفاء حرف استئناف

من: اسم شرط جازم مبتدأ

يَعْمَلْ: مضارع مجزوم لأنه فعل الشرط والفاعل مستتر

مِثْقالَ ذَرَّةٍ: مفعول به مضاف إلى ذرة

خَيْراً: تمييز

يَرَهُ: مضارع مجزوم لأنه جواب الشرط والهاء مفعول به والفاعل مستتر والجملة جواب الشرط لا محل لها وجملتا الشرط والجواب خبر المبتدأ من وجملة من.. مستأنفة لا محل لها.

وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ: معطوفة على ما قبلها

﴿مِثْقَالَ﴾: أي ثقل وزن، الثّقل: هو مقدار جاذبيّة الأرض للشّيء، فعندما يكون وزن الشّيء قليلاً وتلقيه من أعلى ينزل ببطءٍ، أمّا الشّيء الثّقيل فينزل بسرعةٍ؛ لأنّ قوّة الجاذبيّة له تكون أقوى. والإنسان منّا حين ينظر إلى كلمة ﴿مِثْقَالَ﴾ يُعبَّر عنها أنّها وزنٌ، فمعيار الميزان هنا الذّرّة.

﴿ذَرَّةٍ﴾: الذرة: الهباء الذي يرى في ضوء الشمس الداخل من نافذة، أو النملة الصغيرة