الآية رقم (56) - هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِؤُونَ

﴿هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ﴾: حتّى يطمئنّ الإنسان، فالرّجل وزوجته لا يفترقان، وسيكونان معاً في الجنّة بإذن الله سبحانه وتعالى، وقد قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الرّوم: من الآية 21].

﴿ فِي ظِلَالٍ ﴾: الظّلّ يكون في الدّنيا من حرّ الشّمس، فكيف يكون في الجنّة؟ فإذا الشّمس كوّرت، وكلّ شيءٍ تغيّر، وأشرقت الأرض بنور ربّها فأصبح الإنسان يعيش مع الخالق سبحانه وتعالى، مع المسبِّب مباشرةً، فما هي الظّلال الّتي يتحدّث عنها؟ نقرأ قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ…»([1])، فهي ظلال الله سبحانه وتعالى؛ أي أنت في فَيءٍ من الله جل جلاله، والفيء يؤدّي إلى راحة الإنسان، لكن نحن نتحدّث عن جنّةٍ فيها ما لا يخطر على بال البشر، لذلك يقرّبها المولى سبحانه وتعالى.

﴿مُتَّكِئُونَ﴾: الاتّكاء حالةٌ وهيئةٌ للإنسان، فهو: إمَّا قائمٌ، أو قاعدٌ، أو متّكئٌ، والاتّكاء أَمتع هذه الحالات؛ لأنّ القائم قائمٌ لعمل، والقاعد يقعد لِـهَمٍّ يفكِّرُ فيه، فلا هو قادرٌ على القيام للعمل، ولا هو قادرٌ على الاتّكاء للرّاحة، فقوله سبحانه وتعالى: ﴿مُتَّكِئُونَ﴾، يعني تمام الرّاحة لهم، لذلك قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ هَلْ عَسَى رَجُلٌ يَبْلُغُهُ الحَدِيثُ عَنِّي وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ، فَيَقُولُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللهِ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ حَلَالاً اسْتَحْلَلْنَاهُ، وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ حَرَاماً حَرَّمْنَاهُ، وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ كَمَا حَرَّمَ اللَّهُ»([2]).

والأرائك: جمع أريكة.

([1]) صحيح البخاريّ: كتاب الأذان، باب من جلس في المسجد ينتظر الصّلاة وفضل المساجد، الحديث رقم (660).

([2]) سنن التّرمذيّ: كتاب العلم، باب ما نُهي عنه أن يقال عند حديث النّبيّ ,، الحديث رقم (2664).

«هُمْ» مبتدأ

«وَأَزْواجُهُمْ» معطوف على هم

«فِي ظِلالٍ» متعلقان بخبر محذوف

«عَلَى الْأَرائِكِ» متعلقان بمتكئون

«مُتَّكِؤُنَ» خبر هم.

فِي ظِلالٍ: جمع ظل و (في ظلل) : جمع ظلة.
الْأَرائِكِ: السرر في الحجال. واحدها: أريكة.