الآية رقم (7) - فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ

﴿ابْتَغَى﴾: طلب.

﴿وَرَاءَ ذَلِكَ﴾: غير ما ذكرناه من الأزواج ومِلْك اليمين في ذلك الوقت.

وسبق أن ذكرنا أنّ كلمة: ﴿وَرَاءَ﴾ استُعمْلت في القرآن الكريم لِـمَعَانٍ عدّة:

– فهي هنا بمعنى (غير)؛ أي: غير الأزواج ومِلْك اليمين، ومن ذلك أيضاً قوله تعالى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾[النّساء: من الآية 24]، يعني: حرَّمْت عليكم كذا وكذا، وأحلَلْتُ لكم غير ما ذُكِر.

– وتُستعمل ﴿وَرَاءَ﴾ بمعنى: (بَعْد)؛ لأنّ الغيريّة قد تتّحد في الزّمن، فيوجد الاثنان في وقت واحد، أمّا البعديّة فزمنها مختلف، كما في قوله تعالى: ﴿وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ﴾[هود]، يعني: من بعده؛ لأنّ الزّمن مختلف.

– وتأتي ﴿وَرَاءَ﴾ بمعنى: (خلف)، كما في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ﴾[آل عمران]، يعني: جعلوه خلف ظهورهم.

– وتأتي ﴿وَرَاءَ﴾ أيضاً بمعنى: (أمام)، كما في قوله تعالى: ﴿وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا﴾ [الكهف: من الآية 79]، ومعلوم أنّ الملك كان أمامهم ينتظر كلّ سفينة تمرُّ به فيأخذها غَصْباً، وقوله تعالى: ﴿مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ[إبراهيم: من الآية 16]؛ أي: أمامه، ولم تَمْضِ فتكون خلفه.

﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾: أي: المعتدون المتجاوزون لما شُرع لهم، وربّنا تبارك وتعالى حينما يُحذِّرنا من التّعدّي يُفرِّق بين التّعدّي في الأوامر، والتّعدّي في النّواهي، فإنْ كان في الأوامر يقول: ﴿فَلَا تَعْتَدُوهَا﴾[البقرة: من الآية 229]، وإن كان في النّواهي يقول: ﴿فَلَا تَقْرَبُوهَا﴾[البقرة: الآية 187].

«فَمَنِ» الفاء استئنافية ومن شرطية جازمة

«ابْتَغى» ماض في محل جزم فعل الشرط وفاعله مستتر

«وَراءَ» ظرف مكان أو ومفعول به

«ذلِكَ» ذا اسم إشارة مضاف إليه واللام للبعد والكاف للخطاب

«فَأُولئِكَ» الفاء رابطة للجواب أولئك مبتدأ أولاء اسم إشارة في محل رفع مبتدأ والجملة في محل جزم جواب الشرط

«هُمُ العادُونَ» مبتدأ وخبر والجملة خبر أولئك.