﴿حِجَابًا﴾: الحجاب: هو السّاتر الّذي يحجب الإنسان عن غيره، ويحجب غيره عنه.
﴿فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا﴾: كلمة الرّوح في القرآن الكريم لها إطلاقات مُتعدّدة:
1- أوّلها الرّوح الّتي بها قِوام الحياة المادّيّة، فإذا نفخَ الله سبحانه وتعالى الرّوح في المادّة دبَّتْ فيها الحياة والحِسّ والحركة، ودارت أجهزة الجسم كلّها، وهذا المعنى في قوله سبحانه وتعالى: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ [الحجر].
2- وكما سمَّى الله سبحانه وتعالى السِّرَّ الّذي ينفخه في المادّة فتدبّ فيها الحركة والحياة (روحاً)، كذلك سمَّى القيم الّتي تحيا بها النّفوس حياة سعيدة (روحاً)، كما قال سبحانه وتعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا﴾[الشّورى: من الآية 52]؛ أي: القرآن الكريم.
3- كما سَمَّى الملَك الّذي ينزل بالرّوح رُوحاً: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ﴾[الشّعراء]، وهو جبريل عليه السلام.
فقوله سبحانه وتعالى: ﴿فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا﴾؛ أي: جبريل عليه السلام.
﴿فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا﴾: معنى تمثَّل؛ أي: ليستْ هذه حقيقته، إنّه تمثَّل بها، أمّا حقيقته فنورانيّة ذات صفات أخرى، وذات أجنحة، ولكنّه جاء في صورة بشريّة؛ حتّى لا تخاف السّيّدة مريم عليها السّلام، ﴿فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا﴾.
﴿سَوِيًّا﴾: أي: سويّ الخِلْقة والتّكوين، لا يُعيبه شيء.