الآية رقم (17) - فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا

﴿حِجَابًا﴾: الحجاب: هو السّاتر الّذي يحجب الإنسان عن غيره، ويحجب غيره عنه.

﴿فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا﴾: كلمة الرّوح في القرآن الكريم لها إطلاقات مُتعدّدة:

1- أوّلها الرّوح الّتي بها قِوام الحياة المادّيّة، فإذا نفخَ الله سبحانه وتعالى الرّوح في المادّة دبَّتْ فيها الحياة والحِسّ والحركة، ودارت أجهزة الجسم كلّها، وهذا المعنى في قوله سبحانه وتعالى: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ [الحجر].

2- وكما سمَّى الله سبحانه وتعالى السِّرَّ الّذي ينفخه في المادّة فتدبّ فيها الحركة والحياة (روحاً)، كذلك سمَّى القيم الّتي تحيا بها النّفوس حياة سعيدة (روحاً)، كما قال سبحانه وتعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا﴾[الشّورى: من الآية 52]؛ أي: القرآن الكريم.

3- كما سَمَّى الملَك الّذي ينزل بالرّوح رُوحاً: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ﴾[الشّعراء]، وهو جبريل عليه السلام.

فقوله سبحانه وتعالى: ﴿فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا﴾؛ أي: جبريل عليه السلام.

﴿فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا﴾: معنى تمثَّل؛ أي: ليستْ هذه حقيقته، إنّه تمثَّل بها، أمّا حقيقته فنورانيّة ذات صفات أخرى، وذات أجنحة، ولكنّه جاء في صورة بشريّة؛ حتّى لا تخاف السّيّدة مريم عليها السّلام، ﴿فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا﴾.

﴿سَوِيًّا﴾: أي: سويّ الخِلْقة والتّكوين، لا يُعيبه شيء.

«فَاتَّخَذَتْ» الفاء عاطفة وماض والتاء للتأنيث والفاعل مستتر

«مِنْ دُونِهِمْ» متعلقان باتخذت

«حِجاباً» مفعول به

«فَأَرْسَلْنا» الفاء عاطفة وماض وفاعله والجملة معطوفة

«إِلَيْها» إلى حرف جر والها في محل جر بحرف الجر ومتعلقان بأرسلنا

«رُوحَنا» مفعول به ونا في محل جر بالإضافة

«فَتَمَثَّلَ» الفاء عاطفة وماض والفاعل مستتر

«لَها» متعلقان بتمثل

«بَشَراً» مفعول به

«سَوِيًّا» صفة لبشرا.