الآية رقم (109) - فَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنتُكُمْ عَلَى سَوَاء وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ

﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا﴾: أعرضوا وانصرفوا.

﴿فَقُلْ آذَنْتُكُمْ﴾: مادّة: أذن ومنها الأذان؛ تعني: الإعلام بالشّيء، والأصل في الإعلام كان في الأذُن بالكلام، حيث لم يكُنْ عندهم قراءة وكتابة، فاعتمد الإعلام على الكلام، والسّماع بالأُذُن، فمعنى: ﴿آذَنْتُكُمْ﴾: أعلمتُكم وأخبرتُكم.

﴿عَلَى سَوَاءٍ﴾: يعني: جاء الإعلام لكم جميعاً، لم أخصّ أحداً دون الآخر، فأنتم في الإعلام سواء، لا يتميّز منكم أحد على أحد؛ لذلك كان النّبيّ عليه السّلام يحرص على إبلاغ الجميع، فيقول: «نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا ثُـمَّ بَلَّغَهَا، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ»([1])، وهكذا يشيع الخيْر ويتداول بين الجميع.

﴿فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ﴾: فلم أُعْلِم قوماً دون قوم، ولم أُسْمِع أُذُناً دون أُذن، ثم يُنبِّههم إلى أمر السّاعة:

﴿وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ﴾: فانتبهوا، واحتاطوا، فلا أدري لعلَّ السّاعةَ تكون قريباً، ولعلّها تفاجئكم قبل أنْ أُنهي كلامي معكم، لذلك؛ لـمّا سألوا أحد الصّالحين: فِيمَ أفنيتَ عمرك؟ قال: “أفنيت عمري في أربعة أشياء: علمت أنّي لا أخلو من نظر الله عزَّ وجلّ طَرْفة عين فاستحييتُ أنْ أعصيه، وعلمتُ أنّ لي رزْقاً لا يتجاوزني قد ضمنه الله لي فقنعتُ به، وعلمتُ أنّ عليَّ دَيْناً لا يؤدّيه عنّي غيري فاشتغلتُ به، وعلمتُ أنّ لي أَجَلاً يبادرني فبادرتُه”.

فالمراد: استعدّوا لهذه المسألة قبل أن تفاجئكم.

([1]) المعجم الأوسط للطّبرانيّ: باب الميم، من اسمه محمّد، الحديث رقم (5292).

«فَإِنْ» الفاء استئنافية إن حرف شرط جازم

«تَوَلَّوْا» ماض مبني على الفتح المقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين والواو فاعل

«فَقُلْ» الفاء رابطة للجواب وقل أمر فاعله مستتر والجملة في محل جزم جواب الشرط

«آذَنْتُكُمْ» ماض وفاعله ومفعوله والجملة مقول القول

«عَلى سَواءٍ» متعلقان بآذنتكم

«وَإِنْ» الواو استئنافية أو حالية وإن حرف نفي

«أَدْرِي» مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل فاعله مستتر والجملة مستأنفة أو حالية

«أَقَرِيبٌ» الهمزة للاستفهام

«قَرِيبٌ» خبر مقدم

«أَمْ» حرف عطف

«بَعِيدٌ» معطوف على قريب

«ما» اسم موصول في محل رفع مبتدأ مؤخر والجملة مقول القول لأدري

«تُوعَدُونَ» مضارع مبني للمجهول والواو نائب فاعل والجملة صلة لا محل لها

 

{آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ} أي: أعلمتكم وصرتُ أنا وأنتم على سواء، وإنما يريد نابَذْتكُم وعاديتكم وأعلمتكم ذلك، فاستوَيْنا في العلم. وهذا من المختصر