الآية رقم (200) - فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ

(فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ): ما هو المنسك؟ هو مكان العبادة الّتي يقوم بها الإنسان، فنقول: مناسك الحجّ كما في هذه الآيات.

(فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا): اذكروا الله كذكركم آبائكم، كما ذكرنا بأنّهم كانوا قبل الإسلام يذكرون آباءهم، ونحن هنا في منسك، والمنسك هو المكان الّذي فيه عبادة، منسك عرفات ومنسك مزدلفة ومنسك مِنى، فإذا قضيتم هذه المناسك (فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا) عيشوا مع ذكر الله سبحانه وتعالى، وذكر الله هو ضدّ النّسيان، تذكّر الشّيء ضدّ نسيانه، عندما تقول: اذكر أحمد مثلاً -ولله المثل الأعلى- فأنت قد تكون نسيته فتُخطِر أحمد على بالك، هذا معنى أن تذكر هنا فالله سبحانه وتعالى في كلّ آية من آيات الحجّ يأمر بالذّكر، (وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ) [البقرة: من الآية 198]، بعد أن تنتهوا من مناسككم الّتي أدّيتموها اذكروا الله كذكركم آباءكم، تعلّقوا بالله، عيشوا مع الله، كونوا لله؛ لأنّ هذه المناسك الّتي أدّيتموها وأقمتم فيها هي من إحدى رحلات العمر الّتي لا تُنسى، هي رحلة الرّوح  وتحليقها وسموّها ومعراجها لخالقها، والنّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: من حجّ لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمّه([1])، فإذاً لا بدّ أن تكون مع الخالق، فالخلق عندما يعيشون أو يذكرون الخالق فإنّ النّعم تتوالى عليهم من خالقهم سبحانه وتعالى.

فَإِذا: الفاء استئنافية إذا ظرف لما يستقبل من الزمن.

قَضَيْتُمْ: فعل ماض وفاعل والجملة في محل جر بالإضافة.

مَناسِكَكُمْ: مفعول به.

فَاذْكُرُوا: الفاء واقعة في جواب الشرط اذكروا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل.

اللَّهَ: لفظ الجلالة مفعول به والجملة لا محل لها جواب شرط غير جازم.

كَذِكْرِكُمْ: جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة أي: اذكروا الله ذكرا مماثلا لذكر آباءكم.

آباءَكُمْ: مفعول به للمصدر ذكر، والكاف في محل جر بالإضافة.

أَوْ أَشَدَّ: أو حرف عطف أشد معطوف على ذكر مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة ممنوع من الصرف لأنه صفة على وزن أفعل.

ذِكْراً: تمييز منصوب.

فَمِنَ النَّاسِ: الفاء استئنافية وجار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم.

مَنْ: اسم موصول في محل رفع مبتدأ مؤخر.

يَقُولُ: فعل مضارع وفاعله هو يعود على من والجملة الفعلية صلة الموصول

(من يقول): استئنافية لا محل لها.

رَبَّنا: منادى مضاف منصوب، ونا في محل جر بالإضافة.

آتِنا: فعل دعاء مبني على حذف حرف العلة المدلول عليه بالكسرة والفاعل أنت ونا مفعول به أول

والمفعول الثاني محذوف أي: حسنة.

فِي الدُّنْيا: متعلقان بالفعل قبلهما والجملة مقول القول.

وَما: الواو حالية ما نافية.

لَهُ: متعلقان بمحذوف خبر مقدم.

فِي الْآخِرَةِ: جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال.

مِنْ خَلاقٍ: من حرف جر زائد خلاق اسم مجرور لفظاً مرفوع محلاً على أنه مبتدأ، والجملة حالية.

فَإِذا قَضَيْتُمْ: أديتم.

مَناسِكَكُمْ: عبادات حجكم، بأن رميتم جمرة العقبة وطفتم واستقررتم بمنى

أي إذا فرغتم من مناسك الحج فأكثروا من ذكر الله بالتكبير والثناء، كما كنتم تفعلون بذكر آبائكم ومفاخرهم وأيامهم.

خَلاقٍ: نصيب.