الآية رقم (1) - طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ

تكلّمنا كثيراً على هذه الحروف المقطَّعة في أوائل السّور، وهنا جاءت:

﴿طس﴾: وهما حرفان من حروف المعجم، وهي تُنطق هكذا: (طا) و(سين)؛ لأنّهما أسماء حروف، وفَرْقٌ بين اسم الحرف ومُسمَّاه، فكلٌّ من الأمّيّ والمتعلّم يتكلّم بحروف، يقول مثلاً: كتب محمد الدّرس، فإنْ طلبتَ من الأمّيّ أن يتهجّى هذه الحروف لا يستطيع؛ لأنّه لا يعرف اسم الحرف، وإنْ كان ينطق بمُسمَّاه، أمّا المتعلّم فيقول: كاف تاء باء. وقلنا سابقاً: الأحرف المقطّعة في القرآن الكريم هي أربعة عشر حرفاً، وهي نصف حروف الأبجديّة، هذه الأحرف الّتي وردت في القرآن الكريم هي: ﴿الم﴾, ﴿الر﴾، ﴿المر﴾، ﴿كهيعص﴾, ﴿طه﴾، ﴿طس﴾، ﴿طسم﴾, ﴿يس﴾, ﴿ص﴾، ﴿حم﴾، ﴿حم عسق﴾، ﴿ق﴾, ﴿ن﴾، فكلّها مجموعة بعبارة: (نصّ حكيم له سرّ قاطع).

﴿تِلْكَ﴾: اسم إشارة للآيات الآتية خلال هذه السّورة.

﴿آيَاتُ الْقُرْآنِ﴾: قُلْنا: إنّ الآيات لها مَعَانٍ متعدّدة:

1- فقد تعني الآيات الكونيّة: كالشّمس والقمر، كقوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ﴾[فصّلت: من الآية 37]، وهذه الآيات الكونيّة هي الّتي تلفتنا إلى عظمة الخالق تعالى وقدرته.

2- والآيات بمعنى المعجزات المصاحبة للرّسل، الّتي تُثبت صِدْق بلاغهم عن الله تعالى، كقوله عزَّ وجلَّ: ﴿قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (106) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ﴾ [الأعراف].

3- والآيات بمعنى: آيات القرآن الكريم الحاملة للأحكام، وهي المرادة هنا بقوله عزَّ وجلَّ: ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ﴾.

﴿وَكِتَابٍ مُبِينٍ﴾: وسبق أنْ قال عزَّ وجلَّ: ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ﴾[الحجر]، فمرّة يقول: ﴿وَقُرْآنٍ مُبِينٍ﴾ [الحجر: من الآية 1]، ومرّة: ﴿وَكِتَابٍ مُبِينٍ﴾، ويأتي بالكتاب ويعطف عليه القرآن، أو يأتي بالقرآن ويعطف عليه الكتاب، مع أنّهما شيء واحد، فكيف يعطف الشّيء على نفسه؟ قال العلماء: إذا عطف الشّيء على نفسه، فلنعلم أنّه لزيادة وَصْف الشّيء، مثلاً تقول: جاءني زيد الشّاعر والخطيب والتّاجر، فلكلِّ صفة منها إضافة في ناحية من نواحي الموصوف، فهو القرآن؛ لأنّه يُقرأ ويُحفَظ في الصّدور، وهو نفسه الكتاب؛ لأنّه مكتوب في السّطور، وهما معاً نُسمِّيهم مرّة القرآن ومرّة الكتاب، أمّا الوصف فيجعل المغايرة موجودة.

﴿مُبِينٍ﴾: بيِّن واضح، ومحيط بكلّ شيء من أقضية الحياة وحركتها من أوامر ونواهٍ، كما قال عزَّ وجلَّ: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾[الأنعام: من الآية 38].

«طس» من الحروف النورانية لا إعراب لها

«تِلْكَ» مبتدأ

«آياتُ» خبر

«الْقُرْآنِ» مضاف إليه والجملة ابتدائية

«وَكِتابٍ» معطوف على القرآن

«مُبِينٍ» صفة