هنا العودة إلى شعب بني إسرائيل، والسّؤال عندما يأتي بهذه الصّيغة (سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ): (كَمْ) تفيد العدد وتفيد الكثرة من الآيات والمعجزات والأمور الدّالّة على صدق بلاغ سيّدنا موسى عليه السَّلام عن ربّه سبحانه وتعالى، وكان المخاطب هنا النّبيّ : بأن يسأل هؤلاء القوم الّذين يعيشون في المدينة المنوّرة من اليهود (سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم) وهو سؤال عامّ، فالنّعم الّتي منّ الله سبحانه وتعالى بها عليهم كثيرة، منها: أنّه ظلّلهم بالغمام، وأنزل عليهم المنّ والسّلوى، وشقّ لهم البحر بعصا موسى عليه السَّلام، وأغرق فرعون وجنده.. إذاً هناك (كَمْ) من آية لبني إسرائيل، كثرة النّعم الّتي أنعمها الله على بني إسرائيل وكثرة جحودهم، قال تبارك وتعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ) [المائدة].
(بَيِّنَةٍ): واضحة بيّنة للعيان.
(وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ): أي كم من معجزة نزلت على بني إسرائيل ومع ذلك رغم كلّ هذه الآيات جحدوا بها، فمقابلة النّعم تكون بالشّكر وبالعبادة، ولا تكون بالكفران والجحود، فمن يجحد نعم الله فكأنّه يكفر بالله، فضرب الله هذا المثل وقال: (وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) ما هو المقصود بالتّبديل؟ تبديل هذه النّعم الّتي يتقلّب فيها بكفرانها وجحودها، (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا) [إبراهيم: من الآية 28].