قد يقول قائلٌ: ما دام الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾، فما ذنبهم؟ الجواب: ذنبهم أنّهم تكبّروا بغير الحقّ، فمن الّذي يُصرف عن آيات الله سبحانه وتعالى ولا يهديه سبحانه وتعالى هداية المعونة؟ الجواب: هو المتكبّر في الأرض، وأوّل متكبّرٍ كان إبليس -لعنه الله- إذاً هذا السّبيل هو سبيل إبليس؛ لأنّه تكبّر عن السّجود لآدم عندما أمره الله سبحانه وتعالى، وقال: ﴿أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾ ]الأعراف: من الآية 12[، هذا أوّل عنوانٍ للتّكبّر.
﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾: الآية: المعجزة الدّالّة، إذاً سيصرف قلب المتكبّر الّذي تكبّر على الله سبحانه وتعالى فيرى الآية والمعجزة فينصرف عنها ولا يؤمن بها.
﴿وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا﴾: كلّما رأوا معجزةً أو آيةً دالّةً أو آيةً من القرآن الكريم فإنّهم لا يؤمنون بها.
﴿وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا﴾: لماذا؟ لأنّ الصّراط المستقيم هو سبيل الرّشد، وهو السّبيل السّليم والصّحيح والعاقل والرّشيد الّذي يؤدّي إلى الاستقامة، قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ [فصّلت]، طريق الإيمان: هو سبيل الرّشد؛ أي طريق الرّشد وعنوانه الاستقامة في الأقوال والأفعال.
﴿وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا﴾: عندما صرف الله سبحانه وتعالى عن آياته هؤلاء المتكبّرين فإنّهم تركوا سبيل الرّشد واتّجهوا باتّجاه سبيل الغيّ والضّلال والبهتان والزّور.