﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ﴾: حتّى لا يقولنّ قائلٌ: بأنّ الله سبحانه وتعالى قال: ﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ﴾، فالسّبب إذاً: ﴿بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ﴾ وليس السّبب بأنّ الله سبحانه وتعالى كتب عليهم بأنّه سيصرف عنهم هذه المعجزة.
إنّ ورود هذه الآية في هذا الموضع هو من أسلوب القرآن العظيم، فالأحداث تتعلّق بموسى عليه السّلام وفرعون وشعب بني إسرائيل وما جرى مع موسى عليه السّلام، فقد كان المولى سبحانه وتعالى يتحدّث عنه عندما قال: ﴿رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ﴾ [الأعراف: من الآية 143]، فقد أخذ الألواح، ثمّ يقطع القرآن الكريم حتّى لا يعتقدنّ إنسانٌ بأنّه يقرأ قصّةً، وإنّما يقرأ عظةً وعبرةً ووظيفةً إيمانيّةً، فتأتي الآيات الّتي توظّف هذه الأحداث وهذه الشّخصيّات بالطّريقة الإيمانيّة، فيأتي هذا التّعقيب: ﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ وهذه تنطبق على شعب بني إسرائيل وتنطبق على فرعون وتنطبق على الأزمنة كلّها اللّاحقة والسّابقة، فهي موعظةٌ عامّةٌ للبشر كلّهم.