﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا﴾: أي: ادّعى المشركون أنّه لا بعث ولا حساب ولا جزاء، كما قال سبحانه وتعالى في آيةٍ أخرى: ﴿قَالُوا أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ﴾[المؤمنون]، وفي هذا تقريع لكفّار مكّة.
﴿زَعَمَ﴾: الزّعم ادّعاء العلم مع ظهور أمارات خلافه.
فردّ الله سبحانه وتعالى عليهم بقوله:
﴿قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ﴾: أي: قل أيّها الرّسول لهم: إنّكم ستبعثون، وتخرجون من قبوركم أحياء، ولتخبرنّ بأعمالكم جميعها جليلها وحقيرها، صغيرها وكبيرها، إقامة للحجّة عليكم، ثمّ تجزون بما عملتم، قال سبحانه وتعالى: ﴿هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾[الجاثية].
﴿وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾: وذلك البعث والجزاء هيّن سهل على الله سبحانه وتعالى، لا يصرفه صارف.
وهذه هي الآية الثّالثة الّتي أمر الله سبحانه وتعالى رسوله ﷺ أن يقسم بربّه عز وجلَّ على وقوع المعاد ووجوده، الأولى منها قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾[يونس]، والثّانية منها قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ﴾ [سبأ: من الآية ٣]، والثّالثة هذه الآية، ونظير هذه الآية قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾[يس].
وبعد بيان أدلّة التّوحيد والألوهيّة والنّبوّة، والرّدّ على منكري البعث، وإيضاح ما نزل من العقوبة بالأمم الماضية، لكفرهم بالله سبحانه وتعالى وتكذيب الرّسل، طالب الله سبحانه وتعالى بالإيمان به جل جلاله ورسوله ﷺ وبآي القرآن الكريم والبعث.