الآية رقم (5) - رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

هذا دعاء المؤمنين وعلى رأسهم سيّدنا إبراهيم عليه السلام، يقولون:

﴿رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا﴾: كيف يكون المؤمن فتنة للكافر؟ المؤمن يكون فتنة للكافر في حالتين:

الأولى: إذا انهزم المؤمنون في معركة أمام الكافرين عندها يفتن الكافر؛ لأنّه سيقول: لو كانوا مؤمنين بالله سبحانه وتعالى ما انهزموا، أو يقول: لو كان لهم ربّ يدافع عنهم ما انهزموا، أو يقول: لو كانوا صادقين في إيمانهم ما انهزموا، وهذه فتنة.

الثّانية: يفتن الكافر بالمؤمن حينما يرى أهل الإيمان يرتكبون المعاصي، يصلّي ويكذب، يحجّ ويرتشي، يزكّي ويسرق، فهذا يزهّد بالإسلام، ويكون فتنة للّذين كفروا، فيفتنهم عن الدّين.

وهنا يؤكّد ضرورة التّمسّك بتعاليم الدّين حتّى لا ينظر أحد إلى المسلم أو المؤمن، ويقول: هذا هو من يُعلن الإيمان، ويتصرّف عكس تعاليم دينه؟ فيكون سبباً في فتنة الآخرين.

﴿رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا﴾: أي: اجعلنا منفّذين لأوامرك تنفيذاً يحبّب الآخرين في الدّين، ولا نكون حجّة لهم في الإعراض عن دينك.

﴿وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا﴾: يا ربّ اغفر لنا ذنوبنا.

﴿إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾: أنت العزيز الّذي لا تحتاج إلى أحد، والغالب الّذي لا تُغلَب، والمستغني عن عبادتنا، الّذي تضع الأمور في نصابها.

«رَبَّنا» منادى مضاف

«لا تَجْعَلْنا» مضارع مجزوم بلا و «نا» مفعول به أول

«فِتْنَةً» مفعول به ثان

«لِلَّذِينَ» متعلقان بفتنة والجملتان الندائية والفعلية استئنافيتان لا محل لهما

«كَفَرُوا» ماض وفاعله والجملة صلة

«وَاغْفِرْ» فعل دعاء فاعله مستتر و

«لَنا» متعلقان بالفعل

«رَبَّنا» توكيد لفظي لما قبله

«إِنَّكَ» إن واسمها

«أَنْتَ» ضمير فصل

«الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» خبران والجملة الاسمية تعليل والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها.

{فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا} … بِعَذَابِكَ لَنَا، أَوْ تَسْلِيطِ الكُفَّارِ عَلَيْنَا، فَيَقُولُونَ: لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ عَلَى حَقٍّ، مَا أَصَابَهُمُ العَذَابُ، فَيَزْدَادُوا كُفْرًا.