(تِلْكَ): اسم إشارة للبعيد.
إذاً كلّ القصص الّتي سبقت قصّة الّذين خرجوا وهم ألوف حذر الموت وقصّة داود وقصة طالوت وقصّة جالوت و.. (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ) تلا يعني يتلو كلمة بعد كلمة، هذه هي التّلاوة عندما تتلو القرآن الكريم الكلمة بعد الكلمة، (نَتْلُوهَا عَلَيْكَ)كلمة بعد كلمة كلمة التّلاوة، لم يقل: (قصص الله نتلوها عليك بالحقّ) بل قال: (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ)؛ لأنّ كلمات القرآن هي آيات؛ لأنّ الآية تعريفها في اللّغة العربيّة هي المعجزة، وفي كلّ كلمة في القرآن الكريم معجزة، إذاً أنت لا تقرأ القصص القرآنيّ كقصّة، وإنّما تقرأ القصص القرآنيّ كآية، وهذا هو الفارق بين القصص البشريّ والقصص القرآنيّ، الفارق القصص البشريّ هو قصّة لها عناصر أحداث أشخاص تاريخ زمان، أمّا القصة القرآنيّة فهي آية، فهي معجزة، القرآن الكريم معجز بكلماته، معجز ببيانه، معجز بحروفه، معجز بكلّ شيء.
(نَتْلُوهَا عَلَيْكَ): لمن الحديث والخطاب؟ لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، يقول الله عزَّ وجلّ له: (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ)، الحقّ هو الشّيء الثّابت الّذي لا يعتريه النّقص، ولا يعتريه التّحريف، ولا يعتريه التّغيير، لذلك قال سبحانه وتعالى: (وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ) [الإسراء: من الآية 105].
(وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ): الله يخاطب النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وعندما يتحدّث معه عن الآيات المعجزات الدّالات البيّنات والتّابوت الّذي جاء يمشي هكذا وفيه عصا موسى وكلّ هذه المعجزات الّتي تمّت قال له: (وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ)، أي ما كنّا لنتلوها عليك يا محمّد إلّا لأنّك من المرسلين صاحب رسالة وأيّ رسالة؟ هي الرّسالة الخاتمة والجامعة للبشريّة؛ لأنّ كلّ الرّسالات نزلت على أقوام ونزلت لأزمان، إلّا رسالتك يا محمّد فهي لكلّ الأقوام ولكلّ الأزمان ولكلّ النّاس، لذلك هي رحمة: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) [الأنبياء].