اختصر القرآن المشهد وأنهاه بين طالوت وجالوت وبين جنودهما بكلمتين: (فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ) أي بأمر الله؛ لأنّهم صبروا؛ ولأنّهم اختُبِروا فنجحوا في الإيمان، فملأ الله قلوبهم بالصّبر وثبّت أقدامهم ونصرهم على جالوت وجنوده.
(وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ): هل قتل طالوتُ جالوتَ أم داودُ؟ القرآن الكريم يقول: داود، وهنا أوّل بروز لاسم النّبيّ داود عليه السَّلام في القرآن الكريم، أوّل بروز له في تاريخ شعب بني إسرائيل، القرآن لم يبيّن أين كان؟ ومن هو؟ الواضح أنّ داود كان جنديّاً من جيش طالوت، الّذي هو جيش شعب بني إسرائيل المؤمن، وداود كان صغيراً بالنّسبة لجالوت، لكن الّذي قتل جالوت القويّ والعظيم والجبّار هو داود، إذاً هنا بدأت مرحلة داود الّذي أصبح بعد ذلك نبيّاً وأصبح ملكاً وأصبحت الجبال يسبّحن معه والطّير وألان الله له الحديد، (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا ۖ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ۖ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) [سبأ]، ثمّ يأتي سليمان بعد ذلك وهو ابنه، إذاً برز اسم داود الصّغير الّذي كان في جيش طالوت وقتل جالوت، (وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ) إذاً بعد أن تربّى التّربيّة الإيمانيّة، وبعد أن صبر، وبعد أن قاتل، وبعد كلّ تلك المراحل، وبعد أن قتل جالوت، آتاه الله الـمُلك، إذاً هو النّبيّ الملك، (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا ۖ وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ) [النّمل]، آتاه الله الملك والحكمة وليس فقط المـُلك وإنّما إضافة للمُلك الحكمة، وعندما نسمع الحكمة فإنّنا نذكر