الآية رقم (251) - فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ

اختصر القرآن المشهد وأنهاه بين طالوت وجالوت وبين جنودهما بكلمتين: (فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ) أي بأمر الله؛ لأنّهم صبروا؛ ولأنّهم اختُبِروا فنجحوا في الإيمان، فملأ الله قلوبهم بالصّبر وثبّت أقدامهم ونصرهم على جالوت وجنوده.

(وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ): هل قتل طالوتُ جالوتَ أم داودُ؟ القرآن الكريم يقول: داود، وهنا أوّل بروز لاسم النّبيّ داود عليه السَّلام في القرآن الكريم، أوّل بروز له في تاريخ شعب بني إسرائيل، القرآن لم يبيّن أين كان؟ ومن هو؟ الواضح أنّ داود كان جنديّاً من جيش طالوت، الّذي هو جيش شعب بني إسرائيل المؤمن، وداود كان صغيراً بالنّسبة لجالوت، لكن الّذي قتل جالوت القويّ والعظيم والجبّار هو داود، إذاً هنا بدأت مرحلة داود الّذي أصبح بعد ذلك نبيّاً وأصبح ملكاً وأصبحت الجبال يسبّحن معه والطّير وألان الله له الحديد، (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا ۖ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ۖ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) [سبأ]، ثمّ يأتي سليمان بعد ذلك وهو ابنه، إذاً برز اسم داود الصّغير الّذي كان في جيش طالوت وقتل جالوت، (وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ)  إذاً بعد أن تربّى التّربيّة الإيمانيّة، وبعد أن صبر، وبعد أن قاتل، وبعد كلّ تلك المراحل، وبعد أن قتل جالوت، آتاه الله الـمُلك، إذاً هو النّبيّ الملك، (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا ۖ وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ) [النّمل]، آتاه الله الملك والحكمة وليس فقط المـُلك وإنّما إضافة للمُلك الحكمة، وعندما نسمع الحكمة فإنّنا نذكر

فَهَزَمُوهُمْ: الفاء عاطفة هزموهم فعل ماض وفاعل ومفعول به

بِإِذْنِ: متعلقان بالفعل قبلهما

اللَّهِ: لفظ الجلالة مضاف إليه والجملة معطوفة على جملة محذوفة التقدير، تقاتل الجيشان فهزموهم

وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ: فعل ماض وفاعل ومفعول به.

وَآتاهُ: فعل ماض ومفعوله.

اللَّهِ: لفظ الجلالة فاعله.

الْمُلْكَ: مفعول به.

وَالْحِكْمَةَ: عطف على الملك والجملة معطوفة

وَعَلَّمَهُ: فعل ماض ومفعوله

مِمَّا: متعلقان بعلمه

يَشاءُ: مضارع والجملة صلة الموصول

وَلَوْلا: الواو استئنافية لولا حرف شرط غير جازم

دَفْعُ: مبتدأ

اللَّهِ: لفظ الجلالة مضاف إليه

النَّاسَ: مفعول به للمصدر

بَعْضَهُمْ: بعض بدل من الناس

بِبَعْضٍ: متعلقان بدفع.

لَفَسَدَتِ: اللام واقعة في جواب لولا

فسدت الْأَرْضُ: فعل ماض وفاعل والجملة لا محل لها جواب لولا

وَلكِنَّ اللَّهَ: لكن ولفظ الجلالة اسمها

ذُو: خبرها مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الخمسة

فَضْلٍ: مضاف إليه

عَلَى الْعالَمِينَ: اسم مجرور بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والجار والمجرور متعلقان بفضل وجملة

وَلكِنَّ اللَّهَ: استئنافية.

وَآتاهُ: أي داود الْمُلْكَ في بني إسرائيل وَالْحِكْمَةَ النبوة بعد موت شموئيل (صموئيل) وطالوت، ولم يجتمع الملك والنبوة لأحد قبل

داود، وعليه نزل الزبور، كما قال تعالى:(وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) [النساء 4/ 163] .

(وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ) [البقرة 2/ 251] كصنعة الدروع

كما قال تعالى: (وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ، لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ) [الأنبياء 21/ 80] ومعرفة منطق الطير

كما قال تعالى: (عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ) [النمل 27/ 16] وفصل الخصومات

لقوله تعالى: (وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ) [ص 38/ 20] .