﴿بَلْ﴾: تعني أنّهم تمادَوْا، ولم يكتفوا بما قالوا، بل قالوا أيضاً:
﴿أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ﴾: أضغاث: جمع ضِغْث، وأصل الحزمة من الحشيش مختلفة الأشكال، كما جاء في قصّة أيّوب عليه السّلام: ﴿وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ﴾ [ص: من الآية 44]؛ أي: حزمة من أعواد الحشيش، وقد وردْت أيضاً في رُؤْيا عزيز مصر: ﴿قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ﴾ [يوسف].
﴿بَلِ افْتَرَاهُ﴾: أي: تمادَوْا، فقالوا: تعمّد كذبه واختلاقه.
﴿بَلْ هُوَ شَاعِرٌ﴾: فأقوالهم واتّهاماتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم متضاربة في ماهيّة ما هو؟ وهذا دليل تخبّطهم، فمرّة ينكرون أنّه من البشر، ومرّة يقولون: ساحر، ومرّة يقولون: مفتر، والآن يقولون: شاعر!! ثمّ يقولون:
﴿فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ﴾: كأنّ آية القرآن الكريم ما أقنعتْهم، فلم يكتفُوا بها، ويطلبون آية أخرى مثل الّتي جاء بها السّابقون، والقرآن الكريم يردّ عليهم في هذه المسألة: لو أنّهم سيؤمنون إذا جاءتهم الآية المعجزة من السّماء الّتي اقترحوها لأنزلناها عليهم، إنّما السّوابق تؤكّد أنّهم لنْ يؤمنوا مهما جاءهم من الآيات، وهذا من أسباب العذاب.