الآية رقم (42) - الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ

﴿ الَّذِينَ صَبَرُوا ﴾: يريد الحقّ سبحانه وتعالى أن يعطينا تشريحاً لحال هؤلاء الّذين تركوا مكّة وظُلِموا واضْطهِدوا وأُوذُوا في سبيل الله عز وجل، ولم يفتنهم هذا كلّه عن دينهم، بل صبروا وتحمّلُوا، بل خرجوا من أموالهم وأولادهم، وتركوا بلدهم وأرضهم في سبيل دينهم وعقيدتهم، حدث هذا منهم اتّكالاً على أنّ الله سبحانه وتعالى لن يُضيِّعهم، ولذلك جاء التّعبير القرآنيّ: ﴿ صَبَرُوا ﴾ بصيغة الماضي، فقد حدث منهم الصّبر فعلاً، كأنّ الإيذاء الّذي صبروا عليه فترةً مضتْ وانتهت، والباقي لهم عِزّة ومنَعة وقوّة لا يستطيع أحدٌ أنْ يضطهدهم بعد ذلك، وهذه من البشارات في الأداء القرآنيّ، أمّا في التّوكّل، فقال سبحانه وتعالى في حقّهم:

﴿ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾: بصيغة المضارع؛ لأنّ التّوكُّل على الله سبحانه وتعالى حدث منهم في الماضي، ومستمرّون فيه في الحاضر والمستقبل، وهكذا يكون حال المؤمن.

وبعد ذلك تكلَّم القرآن الكريم عن قضيّة وقف منها الكافرون أيضاً موقف العناد والمكابرة والتّكذيب، وهي مسألة إرسال الرّسل، فقال سبحانه وتعالى:

«الَّذِينَ» اسم موصول بدل من الذين قبلها

«صَبَرُوا» ماض وفاعله والجملة صلة

«وَعَلى رَبِّهِمْ» متعلقان بيتوكلون

«يَتَوَكَّلُونَ» مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة معطوفة