الآية رقم (2) - الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ

كان أوّل ظاهريّة الفلاح في الصّلاة، وما يزال الحديث عنها موصولاً بما قاله ربّنا عزَّ وجلَّ في الآيات السّابقة في سورة الحجّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ﴾[الحجّ: من الآية 77]، وقال بعدها: ﴿فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾[الحجّ: من الآية 78]، وهنا جعل أوّل وصف للمؤمنين الّذين أفلحوا: ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾، فلم يقل مثلاً: مؤدّون؛ لأنّ أمر أداء الصّلاة في حقّ المؤمنين مفروغ منه، فالصّلاة عماد الدّين مَنْ أقامها فقد أقام الدّين ومن تركها فقد هدم الدّين، فالعبرة هنا لا بالهيئة والكيفيّة، وإنّما بالخشوع والخضوع وسكينة القلب وطمأنينته واستحضار الله تعالى الّذي تقف بين يديه.

﴿خَاشِعُونَ﴾: الخشوع أن يكون القلب مطمئنّاً ساكناً في مهمّته هذه، فلا ينشغل بشيء آخر غير الصّلاة أثناء صلاته؛ لأنّ الله تعالى ما جعل لرجلٍ من قلبين في جوفه، وما دام الإنسان في حضرة ربّه عزَّ وجلَّ فلا ينبغي أن ينشغل بسواه، حتّى بعض العارفين يقول عن معنى الخشوع: إنّ الّذي يتعمّد معرفة مَنْ على يمينه أو مَنْ على يساره في الصّفّ، فهو غير خاشع، ولـمّا دخل سيّدنا عمر رضي الله عنه على رجل يصلّي، ويعبث بلحيته، ضربه على يده، وقال: لو خشع قلبك لخشعتْ جوارحك؛ ذلك لأنّ الجوارح تستمدّ طاقتها من القلب ومن الدّم الّذي يضخّه فيها، فلو شغل القلب عن الجوارح ما تحرّكت، ثمّ ألَا يستحقّ منّا ربّنا وخالقنا أن نتفرّغ له تعالى على الأقلّ وقت الصّلاة، وهي خمس دقائق في كلّ وقت من الأوقات الخمسة، وقد تركنا باقي الوقت نفعل ما نشاء؟.

«الَّذِينَ» اسم موصول صفة للمؤمنون

«هُمْ» مبتدأ

«فِي صَلاتِهِمْ» متعلقان بالخبر بعدهما

«خاشِعُونَ» خبر مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والجملة صلة لا محل لها من الإعراب