الآية رقم (16) - اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ

﴿اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً﴾: الحقّ سبحانه وتعالى يريد أن يفضحهم، ويكشف ألاعيبهم، فقال عنهم: ﴿وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾، يحلفون أنّهم ليسوا منافقين، وهنا قال: ﴿اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً﴾، الأيمان: جمع يمين وهو الحلف، فالحلف والأيمان وسيلة من وسائل الخداع الّتي يجيدونها ويستترون خلفها.

﴿جُنَّةً﴾: الجُنّة هي الوقاية، يقول ﷺ: «الصَّوْمُ جُنَّةٌ»([1])؛ أي: وقاية، وهنا جُنّة:  كأنّهم اتّخذوا الحلف مِـجنّاً يحتمون به كما يحتمي المقاتل خلف الـمِجَنّ أو الدّرع.

﴿فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾: كانوا يحاولون أن يصدّوا النّاس عن سبيل الله سبحانه وتعالى بهذه الأيمان، ويخادعون الله عز وجلَّ وهو خادعهم، ويمكرون ويمكر الله، وصدّوا غيرهم عن سبيل الله سبحانه وتعالى، فيتحمّلون وزرهم ووزر من صدّوهم.

﴿فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾: المهين: العذاب الّذي يذلّهم ويخزيهم.

وهكذا جمع الله سبحانه وتعالى عليهم ألوان العذاب كلّها، فمرّة قال: ﴿عَذَابًا شَدِيدًا﴾ [المجادلة: من الآية 15]، ومرّة: ﴿عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾[التّوبة: من الآية 101]، ومرّة قال: ﴿عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾[المجادلة: من الآية 4]، و﴿عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ [المجادلة: من الآية 16]، وهذا كلّه جزاء وفاقاً لما أضرّوا بدعوة الإسلام، وآذوا المسلمين ونافقوهم.

([1]) سنن التّرمذيّ: أبواب الإيمان، باب ما جاء في حُرمَة الصّلاة، الحديث رقم (2616).

﴿اتَّخَذُوا﴾: فعل ماضٍ مبنيّ على الضم، لاتصاله بواو الجماعة، و”الواو” ضمير متّصل مبنيّ في محلّ رفع فاعل، و”الألف”: فارقة.
﴿أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً﴾: مفعولاً “اتخذوا” منصوبان بالفتحة.
و”الهاء”: ضمير متّصل مبنيّ في محلّ جرّ بالإضافة.
﴿فَصَدُّوا﴾: معطوفة بالفاء على “اتخذوا”، وتعرب إعرابها.
﴿عَنْ سَبِيلِ﴾: جارّ ومجرور متعلّقان بـ”صدوا”.
﴿اللَّهِ﴾: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
﴿فَلَهُمْ﴾: الفاء: حرف استئناف.
واللام: حرف جر، و”الهاء”: ضمير متّصل مبنيّ في محلّ جرّ بـ”اللام”.
و”الميم”: للجماعة.
والجارّ والمجرور متعلّقان بخبر مقدم.
﴿عَذَابٌ﴾: مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
﴿مُهِينٌ﴾: صفة مرفوعة بالضمة.
وجملة “اتخذوا” لا محلّ لها من الإعراب؛ لأنّها استئنافيّة.
وجملة “صدوا” لا محلّ لها من الإعراب؛ لأنّها معطوفة على جملة “اتخذوا”.
وجملة “لهم عذاب” لا محلّ لها من الإعراب؛ لأنّها معطوفة على جملة “اتخذوا” مسببة عما سبق.

{جُنَّةً} … وِقَايَةً لَهُمْ مِنَ القَتْلِ