الآية رقم (140) - إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ

القَرح: الجرح، وبالضمّ قُرح: الشّعور بالألم، وهنا تسلية للمؤمنين وتخفيفٌ عنهم، أي إذا أُثخنتم بالجراح فلا تظنّوا أنّكم أنتم فقط أُصبتم، فهم أُصيبوا أيضاً، وتأمّلوا المتابعة هنا: ﴿وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ لم يقل (بين المؤمنين)، بل قال: ﴿بَيْنَ النَّاسِ.

﴿وَتِلْكَ الأيَّامُ: لا يقصد بالأيّام السّاعات الأربع والعشرين، بل المراد اليوم الّذي حدث فيه حدثٌ ما وسمّي اليوم باسمه، فيقال عنه: يوم كذا، كيوم الخندق ويوم بدر ويوم أُحُد مثلاً.

﴿نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ: أي أنّ الانتصارات والانكسارات، العطاءات والحرمان، الصّحّة والمرض، الفقر والغنى، كلّها تتناوب في حياة الإنسان، فهل يوجد أحد يستطيع أن يقول: إنّه ثابت على حال؟ كيف وهو في دنيا أغيار؟! اليوم أنت صغير غداً كبير، كنت صحيحاً أصبحت سقيماً، كنت قويّاً أصبحت ضعيفاً، كنت غنيّاً أصبحت فقيراً، كنت حيّاً أصبحت ميتاً، فأنت ابن أغيار وسبحان الله الّذي لا يتغيّر، وهذا أحد السّنن الكونيّة.

إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ: إن الشرطية والفعل المضارع فعل الشرط وقرح فاعله والجملة مستأنفة

فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ: قد للتحقيق مس القوم فعل ماض ومفعوله وفاعله مؤخر والجملة معطوفة بالفاء

مِثْلُهُ: صفة قرح وجواب الشرط محذوف تقديره: فلا تيأسوا

وَتِلْكَ: الواو استئنافية تلك اسم إشارة مبتدأ

الْأَيَّامُ: بدل

نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ: فعل مضارع ومفعوله والفاعل مستتر بين ظرف تعلق بالفعل الناس مضاف إليه والجملة خبر المبتدأ وجملة تلك الأيام استئنافية

وَلِيَعْلَمَ: الواو عاطفة اللام لام التعليل يعلم مضارع منصوب بأن المضمرة بعد لام التعليل

اللَّهُ: لفظ الجلالة فاعل

الَّذِينَ: اسم موصول مفعول به

جملة «آمَنُوا» صلة الموصول.

وَيَتَّخِذَ: عطف على ليعلم

مِنْكُمْ: متعلقان بيتخذ

شُهَداءَ: مفعول به

وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ: الله لفظ الجلالة مبتدأ

جملة لا يحب الظالمين خبره

جملة: والله لا يحب مستأنفة أو تعليلية أو اعتراضية.

قَرْحٌ: جهد من جرح بسلاح ونحوه.

الْأَيَّامُ: المراد هنا أزمنة الفوز والظّفر، واحدها يوم: وهو الزمن المعروف من الليل والنهار.

نُداوِلُها: نصرّفها بين النّاس، يومًا لهؤلاء ويوما لآخرين، ليتّعظوا، كما وقع في يومي بدر وأحد.

وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ: أي ليظهر الله علمه.

الَّذِينَ آمَنُوا: أخلصوا في إيمانهم من غيرهم.

شُهَداءَ: واحدهم شهيد: وهو قتيل المعركة.

وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ: أي يعاقب الكافرين، وأما ما ينعم به عليهم فهو استدراج.