الآية رقم (40) - إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا

نحن نعلم أنّ الله سبحانه وتعالى هو العدل المطلق، لا يظلم البشر، ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ﴾ [فصّلت: من الآية 46]، ولكنّ الإنسان إمّا أن يظلم نفسه بتقديم متعةٍ عاجلةٍ على نعيمٍ دائمٍ، أو يظلم غيره، والله سبحانه وتعالى يقول في الحديث القدسيّ: «يا عبادي إنّي حرّمت الظّلم على نفسي وجعلته بينكم محرّماً»([1])، ونعلم أنّ من الدّعوات المستجابة -مثلُ دعوة الصّائم حين يفطر- دعوة المظلوم، فليس بينها وبين الله حجابٌ، وكما أخبرنا النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «يرفعها فوق الغمام، وتفتح لها أبواب السّماء، ويقول الرّبّ عزَّ وجل: وعزّتي لأنصرنّك ولو بعد حين»([2])، والله سبحانه وتعالى لا يظلم أحداً.

وفي هذه الآية الكريمة يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ﴾، توقّف بعض النّاس من الّذين لا يعلمون كتابَ الله سبحانه وتعالى، ولا يتدبّرون القرآن الكريم فقالوا: إنّ الذّرّة ليست أصغر عنصرٍ في الكون، فمنذ سنواتٍ عدّةٍ تمّ تحطيم الجوهر الفرد بألمانيا، وحُطّمت الذّرّة وفُتِّتَتْ إلى ما هو أصغر منها نترونات وإلكترونات.. إلخ، والله سبحانه وتعالى يقول في هذه الآية: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ﴾ ويقول في سورة (الزّلزلة): ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزّلزلةٍ]

إِنَّ اللَّهَ: إن ولفظ الجلالة اسمها

لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ: لا نافية وفعل مضارع ومثقال صفة لمصدر محذوف التقدير: لا يظلم ظلما مثقال وقيل هي مفعول ثان والمفعول الأول محذوف أي: لا يظلم أحدا مثقال والجملة خبر إن وذرة مضاف إليه

وَإِنْ تَكُ: إن شرطية وفعل مضارع ناقص مجزوم بالسكون المقدر على النون المحذوفة تخفيفا كما حذفت الواو منعا لالتقاء الساكنين. واسمها ضمير مستتر تقديره: هو

حَسَنَةً: خبرها وجملة وإن تك استئنافية

يُضاعِفْها: جواب الشرط مجزوم والهاء مفعوله والجملة لا محل لها جواب شرط لم تقترن بالفاء.

وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ: لدنه اسم مبني على السكون في محل جر بمن وهما متعلقان بيؤت والجملة معطوفة

أَجْراً: مفعول به

عَظِيماً: صفة.

لا يَظْلِمُ: الظلم: النقص وتجاوز الحد، أي لا ينقص أحدا من حسناته ولا يزيد في سيئاته.

مِثْقالَ: أصله المقدار الذي له ثقل مهما قل، ثم أطلق على المعيار المخصوص للذهب وغيره (المثقال العجمي: 80، 4 غم) والمراد به هنا وزن ذَرَّةٍ أصغر ما يدرك من الأجسام، والذرة في العلم الحديث: الجزء الذي لا يتجزأ، ومن الذرات: الهباء: وهو ما يرى في شعاع الشمس الداخل من نافذة.

يُضاعِفْها: من عشر إلى أكثر من سبعمائة.

مِنْ لَدُنْهُ: من عنده.