﴿إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ﴾: يعني: تحكمهم امرأة، ورأينا نساءً كثيرات نابهات حكمْن الدّول، ثمّ يذكر من صفاتها:
﴿وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾: وكأنّها إشارة إلى ما سبق أنْ قاله سليمان عليه السّلام: ﴿وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾، فهي كذلك أُوتيتْ من كلّ شيء بالنّسبة إلى أقرانها، وإلّا فسليمان أُوتي من الملْك ومن النّبوّة ما لم تُؤْتَهُ ملكة سبأ.
﴿وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ﴾: العرش مكان جلوس الملك، وكان العرش عادةً يتوافق مع عظمة الملك، ووصْف العرش بأنّه عظيم مع أنّ هذا الوصف لعرش الله عزَّ وجلَّ، كيف؟ قالوا: عظيم بالنّسبة إلى أمثالها من الملوك، أمّا عرْش الله تعالى فعظيم بالنّسبة إلى الخَلْق كلّهم عظمةً مُطْلقة.
هكذا حدَّث الهدهُد سليمانَ عليه السّلام فيما يخصُّ ملكة سبأ من حيث الملك الّذي تشبه فيه سليمان كملك، ثمّ يُحدِّثه بعد ذلك عن مسألة تتعلّق بالنّبوّة والإيمان بالله تعالى، وهذه المسألة الّتي غار عليها سليمان عليه السّلام، وثار من أجلها.