الآية رقم (19) - إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ

﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ﴾: الحبّ عمل قلبيّ، والكلام عمل لسانيّ، وترجمة عمليّة لما في القلب، فالمعنى: الّذين يحبّون هذا ولو لم يتكلَّموا به؛ لأنّ لهذه المسألة مراحل تبدأ بالحبّ وهو عمل القلب، ثمّ التّحدّث، ثمّ السّماع دون إنكار، ولفظاعة هذه الجريمة ذكر الله تعالى المرحلة الأولى منها، وهي مجرّد عمل القلب الّذي لم يتحوّل إلى نزوع وعمل وكلام، فالمسألة خطرة، وبعضهم يظنّ أنّ إشاعة الفاحشة فضيحة للمتّهم وحده، نعم هي للمتّهم، وقد تنتهي بحياته، وقد تنتهي ببراءته، لكنّ المصيبة أنّها ستكون أُسْوة سيّئة في المجتمع، وهذا توجيه من الحقّ تعالى إلى قضيّة عامّة وقاعدة يجب أن تُرَاعى، وهي: حين نسمع خبراً يخدش الحياءَ أو يتناول الأعراض أو يخدش حكماً من أحكام الله تعالى، فإيّانا أنْ نشيعه في النّاس؛ لأنّ الإشاعة إيجاد أُسْوة سلوكيّة عند السّامع لمن يريد أن يفعل، فيقول في نفسه: فلان فعل كذا، وفلان فعل كذا، ويتجرّأ هو أيضاً على مثل هذا الفعل، لذلك توعّد الله تعالى مَنْ يشيع الفاحشة وينشرها ويذيعها بين النّاس: ﴿لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾، والحقّ تعالى لم يعصم أحداً من المعصية وعمل السّيّئة، لكنّ الأَسْوء من السّيّئة إشاعتها بين النّاس، وقد تكون الإشاعة في حقّ رجل محترم مُهَابٍ في مجتمعه مسموع الكلمة وله مكانة، فإنْ سمعت في حَقِّه مَا لا يليق فلربّما زهّدك ما سمعتَ في هذا الشّخص، وزهَّدك في حسناته وإيجابيّاته، فكأنّك حرمتَ المجتمع من حسنات هذا الرّجل، وهذه المسألة هي التّعليل الّذي يستر الله تعالى به غَيْب الخَلْق عن الخَلْق، فسَتْر غيب النّاس عن النّاس نعمة كبيرة تُثري الخير في المجتمع وتُنميه، ويجعلنا نتعامل مع الآخرين، وننتفع بهم على عِلَّاتهم، وصدق الشّاعر الّذي قال:

فَخُذْ بِعلْمي ولَا تركَنْ إلَى عَمِلي                     .   وَاجْنِ الثّمارَ وخَلِّ العُودَ للنَّارِ
.

«إِنَّ» حرف مشبه بالفعل

«الَّذِينَ» اسم موصول في محل نصب اسم إن والجملة مستأنفة

«يُحِبُّونَ» مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة صلة

«إِنَّ» ناصبة

«تَشِيعَ» مضارع منصوب بأن

«الْفاحِشَةُ» فاعل

«فِي الَّذِينَ» اسم الموصول في محل جر متعلقان بتشيع والمصدر المؤول من أن وما بعدها مفعول يحبون.

«آمَنُوا» ماض وفاعله والجملة صلة

«لَهُمْ» متعلقان بمحذوف خبر مقدم

«عَذابٌ» مبتدأ مؤخر

«أَلِيمٌ» صفة

«فِي الدُّنْيا» متعلقان بعذاب.

«وَالْآخِرَةِ» معطوف على الدنيا والجملة خبر إن

«وَاللَّهُ» لفظ الجلالة مبتدأ والجملة مستأنفة

«يَعْلَمُ» مضارع فاعله مستتر والجملة خبر.

«وَأَنْتُمْ» الواو عاطفة ومبتدأ والجملة معطوفة

«لا» نافية

«تَعْلَمُونَ» مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل