الآية رقم (40) - إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ

(إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ): هنا جاء المولى ليدلّل على أنّكم إذا لم تنفروا ولم تقوموا بنصرة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في غزوة تبوك أمام الرّوم، فإنّ الله سبحانه وتعالى ناصره.

سنتوقّف عند هذه الآيات قليلاً؛ لأنّ المستشرقين وبعض النّاس الّذين لا يفهمون روح اللّغة العربيّة ولا قواعد اللّغة العربيّة قالوا: (إِلَّا تَنصُرُوهُ)، أداة شرط، وجواب الشّرط يكون متأخّراً عن فعل الشّرط، فتكون الجملة: إلّا تنصروه فسينصره الله، لكنّ هذا ليس جواباً للشّرط، بل هذا دليل الشّرط، إلّا تنصروه فقد نصره الله سبحانه وتعالى، نصره سابقاً.

ويدلّل المولى سبحانه وتعالى على أنّكم إذا لم تقوموا بنصرته الآن بغزوة تبوك فإنّه قد نصره في أزمان أصعب من غزوة تبوك، فما هي الأزمان؟ الجواب: ثلاثة أزمان؛ لأنّه قد ذُكرت (إذ) ثلاث مرّات، إذ ظرف زمانٍ؛ أي زمن كذا:

1- (إذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ) هذا زمنٌ.

2-    (إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ ) هذا زمنٌ.

3-   (إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ ) زمنٌ آخر.

إِلَّا: إن الشرطية. ولا النافية.

تَنْصُرُوهُ: مضارع مجزوم والواو فاعله والهاء مفعوله.

فَقَدْ: الفاء رابطة لجواب الشرط. وقد حرف تحقيق.

نَصَرَهُ اللَّهُ: فعل ماض ومفعول به ولفظ الجلالة فاعل، والجملة في محل جزم جواب الشرط. وقيل جواب الشرط محذوف، والجملة تعليلية.

إِذْ: ظرف لما مضى من الزمان متعلق بالفعل نصره.

أَخْرَجَهُ: ماض ومفعوله.

الَّذِينَ: اسم موصول فاعل والجملة في محل جر بالإضافة

(كَفَرُوا) صلة الموصول لا محل لها.

ثانِيَ: حال منصوبة.

اثْنَيْنِ: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الياء لأنه مثنى،

إِذْ: بدل من إذ الأولى.

هُما: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ.

فِي الْغارِ: متعلقان بمحذوف خبره، والجملة الاسمية في محل جر بالإضافة.

إِذْ: بدل ثان من إذ الأولى.

يَقُولُ: مضارع تعلق به الجار والمجرور

لِصاحِبِهِ: والجملة في محل جر بالإضافة.

لا تَحْزَنْ: لا ناهية ومضارع مجزوم والجملة مقول القول.

إِنَّ اللَّهَ: إن ولفظ الجلالة اسمها والظرف

مَعَنا: متعلق بمحذوف خبرها والجملة تعليلية.

فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ: فعل ماض ولفظ الجلالة فاعل وسكينته مفعول به.

عَلَيْهِ: متعلقان بالفعل. والجملة مستأنفة.

وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ: الجملة معطوفة.

لَمْ: جازمة

تَرَوْها: مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف النون، والواو فاعل والهاء مفعول به والجملة في محل جر صفة.

وَجَعَلَ كَلِمَةَ: فعل ماض ومفعول به أول.

الَّذِينَ كَفَرُوا: اسم الموصول مضاف إليه والجملة صلة

السُّفْلى: مفعول به ثان. والجملة معطوفة.

وَكَلِمَةُ: مبتدأ والواو حالية.

اللَّه: لفظ الجلالة مضاف إليه.

هِيَ: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ.

الْعُلْيا: خبر والجملة خبر كلمة

وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ: مبتدأ وخبراه والجملة مستأنفة.

إِلَّا تَنْصُرُوهُ: إن لم تنصروا النبي صلّى الله عليه وآله وسلم.

إِذْ: حين.

أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا: من مكة، أي ألجؤوه إلى الخروج، لما أرادوا قتله أو حبسه أو نفيه، بدار الندوة.

ثانِيَ اثْنَيْنِ: أحد اثنين، والآخر أبو بكر، والمعنى: نصره الله في مثل تلك الحالة، فلا يخذله في غيرها.

الْغارِ: غار جبل ثور، والغار: النقب أو الفتحة في الجبل.

إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ: أبي بكر الذي قال للنبي صلّى الله عليه وآله وسلم لما رأى أقدام المشركين: لو نظر أحدهم تحت قدميه لأبصرنا.

لا تَحْزَنْ: المراد بالنهي عن الحزن مجاهدة النفس وتوطينها على عدم الاستسلام له.

إِنَّ اللَّهَ مَعَنا: بنصره وتأييده.

سَكِينَتَهُ: طمأنينته.

عَلَيْهِ: الضمير يعود على النبي صلّى الله عليه وآله وسلم، وقيل: على أبي بكر.

وَأَيَّدَهُ: أي النبي.

بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها: ملائكة في الغار، وفي مواطن قتاله.

كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا: أي دعوة الشرك والكفر.

السُّفْلى: المغلوبة.

وَكَلِمَةُ اللَّهِ: أي كلمة التوحيد أو الشهادة بتوحيد الإله.

هِيَ الْعُلْيا: الغالبة.

وَاللَّهُ عَزِيزٌ: في ملكه.

حَكِيمٌ: في صنعه