الآية رقم (150) - وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ

﴿إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾: أي أسرفوا في تجاوزهم لأوامر الله سبحانه وتعالى.

﴿فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي﴾: الله عزَّ وجلَّ يأمرنا أن نخشاه ولا نخشى خلقه، أنت بين الخلق والخالق، يقول صلَّى الله عليه وسلَّم فيما يرويه عن ربّه عزَّ وجلَّ: «وعزّتي لا أجمع على عبدي خوفين» ([1])، لا يمكن أن تجتمع مخافتان في القلب، إمّا أن تخشى الله؛ لأنّك تعلم بأنّ أمرك بيده، وأنّه هو وحده الضّارّ والنّافع، وهو المحيي والمميت، وهو المعطي والمانع، وهو الّذي ستؤول الأمور إليه، وبيده مقاليد السّماوات والأرض. لذلك عندما أوجس موسى عليه السَّلام في نفسه خيفة قال له سبحانه وتعالى: ﴿قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَىٰ﴾ [طه]، فلا تخف منهم وخافني، وخاطب الله المؤمنين بقوله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران].

﴿وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ﴾: إتمام النّعمة من الله سبحانه وتعالى هي بالإسلام وتنزّل القرآن بدليل قوله سبحانه وتعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: من الآية 3].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) شعب الإيمان: الحادي عشر، باب في الخوف من الله تعالى، الحديث رقم (777).

لِئَلَّا: اللام حرف جر أن حرف ناصب مدغم بلا النافية.

يَكُونَ: فعل مضارع ناقص منصوب والمصدر المؤول من أن الناصبة والفعل في محل جر باللام والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر.

لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ: متعلقان بالخبر المحذوف.

حُجَّةٌ: اسم يكون مؤخر.

إِلَّا: أداة استثناء.

الَّذِينَ: اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب على الاستثناء.

ظَلَمُوا: فعل ماض والواو فاعل والجملة صلة الموصول.

مِنْهُمْ: جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما.

فَلا: الفاء هي الفصيحة ولا ناهية جازمة.

تَخْشَوْهُمْ: فعل مضارع مجزوم بحذف النون لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعل والهاء مفعول به والجملة لا محل لها جواب شرط

غير جازم.

وَاخْشَوْنِي: الواو عاطفة اخشوني فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة، والواو فاعل والنون للوقاية

والياء مفعول به، والجملة معطوفة.

وَلِأُتِمَّ: الواو عاطفة اللام لام التعليل أتم فعل مضارع منصوب بأن المضمرة بعدها والمصدر المؤول في محل جر بحرف الجر والجار

والمجرور معطوفان على لئلا يكون.

نِعْمَتِي: مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم والياء في محل جر بالإضافة.

عَلَيْكُمْ: جار ومجرور متعلقان بأتم.

وَلَعَلَّكُمْ: الواو عاطفة ولعل واسمها.

تَهْتَدُونَ: فعل مضارع وفاعله والجملة خبره. والجملة الاسمية معطوفة.

لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ: اليهود أو المشركين.

حُجَّةٌ: أي مجادلة في التولي إلى غيره، أي لتنتفي مجادلتهم لكم من قول اليهود: يجحد ديننا ويتبع قبلتنا

وقول المشركين: يدعي ملة إبراهيم ويخالف قبلته.

إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ: بالعناد، فإنهم يقولون: ما تحول إليها إلا ميلاً إلى دين آبائه، والاستثناء متصل، والمعنى: لا يكون لأحد عليكم كلام إلا كلام هؤلاء.

فَلا تَخْشَوْهُمْ: تخافوا جدالهم في التولي إليها.

وَاخْشَوْنِي: بامتثال أمري.

وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ: بالهداية إلى معالم دينكم.