حين نزلت التّوراة وأعطى الله سيّدنا موسى عليه السَّلام المنهج اختار موسى مِن قومه سبعين رجلاً وأخذ عليهم العهد، لكنّهم نكثوا العهد فزعزع الله الجبل ورفع فوقهم جبل الطّور وهدّدهم بأن يطبقه عليهم أو يؤمنوا، فخافوا وعادوا وسجدوا وعيونهم على جبل الطّور خوفاً من أن يقع عليهم، وحتّى الآن نجد أنّ اليهود حين يسجدون يزيحون جزءاً من وجوههم وينظرون جانباً، وهذه الحركة مأخوذة من سجودهم وهم يخشون أن يقع عليهم جبل الطّور، وهم لا يعرفون أنّ أصل ذلك هو هذه القصّة.
وعلى الإنسان أن يُقبل على طاعة الله بقوّة، دون تهرّب وتردّد بين إقبال وإدبار كما فعل بنو إسرائيل، وكان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «يا بلال، أقم الصّلاة، أرحنا بها»([1])؛ لأنّ المؤمن يرتاح في طاعة الله سبحانه وتعالى ويُقبل عليها بكليّته؛ لأنّ حبّ التّكليف والأنس بالعبادة يؤدّي إلى التّقوى، ويزرع الخير في المجتمعات، ويؤدّي إلى كلّ خير، والتّقوى هي جوامع كلّ خير، فمثلاً أنت كمؤمن تأنس بالصّلاة، وتتمنّى زرع الخير والحبّ في كلّ مكان.. وهذا شأن المؤمنين الّذين عشقوا التّكليف، أمّا بنو إسرائيل فقد جحدوا، ومع كلّ العطاءات الّتي جاءتهم من الله سبحانه وتعالى تولّوا واستكبروا.
([1]) سنن أبي داود: كتاب الأدب، باب في صلاة العتمة، الحديث رقم (4985).