هذه آية مُحكمة في كتاب الله سبحانه وتعالى شملت عناصر البرّ، ويجب أن نتوقّف عند مدلولاتها وعند معانيها؛ لأنّها تعطي الصّورة الحقيقيّة للإسلام بكلّ عناصره إيماناً وأركاناً وسلوكاً وعبادات.
﴿لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ﴾: تحدّثت الآيات السّابقة مطوّلاً عن الاتّجاه في الصّلاة، والأمر بالتّوجّه إلى الكعبة المشرّفة، وأراد الله سبحانه وتعالى أن يبيّن لنا أنّ الإسلام لا يُعنى فقط بانضباط الحركات، وإنّما يعنيه وجدان القلب إضافة لعمل الجوارح؛ لأنّ الإسلام ليس دعوى كلاميّة تُقال وحسب، وإنّما هو تصديق وإيمان وعمل بالأركان، لذلك قال الله تبارك وتعالى: ﴿لَّيْسَ الْبِرَّ﴾: البرّ: هو جوامع كلّ خير، كلّ عناصر الإيمان والتّقوى والطّاعة والإحسان، فالخير الواسع من كلّ أبوابه هو البرّ. ﴿لَّيْسَ الْبِرَّ﴾ بالحركة وبالشّكل وبالمظهر، بالتّوجّه قِبَل المشرق أو المغرب.
﴿وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ﴾: وكأنّ البرّ ذاتٌ مجسَّدة، تُفسَّر بهذا المثال: فلان عادل معنى ذلك أنّه يقيم الحدود ويقف عند الإنصاف، أمّا إذا قُلت: فلان عَدْل، فأصبح العدل مجسّداً في ذاته، هناك فارق بين عَدْل وعادل عندما يكون عَدْل يكون مجسّداً.