نقف هنا عند مدلول هذه الآية تحديداً، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ الله سبحانه وتعالى يقول: أنا لا أكلّفكم اقتحاماً على إرادتكم، لكنّكم أنتم آمنتم، ومن لم يؤمن فليس مكلّفاً، هل قال أحدٌ: إنّ الإيمان بالإجبار؟ لكن إن أنت اخترت الدّين فعليك العمل بمتطلّباته، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أي يا من آمنتم بي خذوا بتكليفي، فليس هناك اقتحام على الإرادة، وهنا ينبغي الانتباه إلى أنّ من يأتي ممّن انتسب إلى الإيمان في هذا العصر ليقول: أنا حرّ، أنت لست حرّاً هنا، أنت حرّ أنّ تؤمن أو تكفر، حرّ أن تأخذ بالإسلام أو لا تأخذ به، لكن إن اخترت الإسلام فلست حرّاً أن تخرّب الإسلام، ولست حرّاً في أن تتفلّت من تعاليمه، ولست حرّاً في أن تزعم أنّ الإسلام لم يحرّم الرّبا والخمر، وأنّ حجاب المرأة ليس مفروضاً… إلخ، لست حرّاً في أن تلصق بالدّين ما ليس منه، ولا أن تحلِّل ما حرّم الله ولا تحرّم ما أحلّه، هناك قضايا ثابتة بالدّين وثابتة بنصوص الكتاب والسُّنّة، ولا اجتهاد في مورد النّصّ، فليسمع القاصي والدّاني، شهادةُ حُسنِ سلوكنا هي ديننا فلسنا بحاجة لأن نقدّم شهادة حسن سلوك لأحد، وأن نميّع الدّين ونقول: إنّ هذا ليس من الدّين وهذا ليس صحيح لا يوجد بالدّين، ونُحلّل الحرام ونُحرّم الحلال و… ثمّ نقول: هكذا الإسلام، لا ليس الإسلام هكذا، الإسلام هو ما قاله الله تعالى وما جاء به رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى﴾: لماذا يوجد قصاص؟ لو لم يكن هناك قصاص لتحوّلت الدّنيا إلى غابة، القصاص من أجل أن يكون هناك حياة، فالقصاص في القتلى، ليس الإنسان حرّاً في أن يقتل إنساناً، لا بدّ أن يكون هناك قصاص.
﴿الحُرُّ بِالْحُرِّ وَالعَبْدُ بِالعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى﴾: فإن قتل حرّ عبداً، أو قتل ذكرٌ أنثى، فما معنى هذا؟ الآن يأتي المتطرّفون والّذين لا يفهمون من الدّين شيئاً ويفسّرون هذه الآية: ﴿الحُرُّ بِالْحُرِّ وَالعَبْدُ بِالعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى﴾ فإذا افترضنا أنّ ذكراً قتل أنثى، فما هي الدّيّة؟ إذا الذّكر قتل أنثى وإذا الحرّ قتل عبداً أو إذا عبد قتل حرّاً، ما الحكم؟